للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم -عليه السلام- من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها


نعم. من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بأشراط الساعة،: وأشراط الساعة جاءت فيها أحاديث من ذلك حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم (يعني: من جلد) فقال: (اعدد بين يدي الساعة ستة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يعني: موت يأكل فيكم مثل قعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار، فيظل ساحظا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنه تكون بينكم وبين بني الأصفر، (وهم النصارى) فيغدرون فيأتونكم بثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا)
هذا ما وقع، وهي صلح بين المسلمين وبين النصارى، ثم يغدر النصارى ويأتون ثمانين غاية، غاية أي: راية، وتحت كل غاية اثنا عشر ألفا، اضرب اثني عشر ألفا في ثمانين، هذا لعله يقع في آخر الزمان قبل الدجال، ومن ذلك -أيضا- ما ثبت في الحديث الصحيح: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع على بعض الصحابة، وهم يتذاكرون الساعة، فقال: ما تذاكرون، قالوا: كنا نذكر الساعة قال: إنها لم تقوم حتى تروا قبلها عشرا ... وذكر منها الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها وخروج يأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
ومن ذلك أحاديث الدجال التي جاءت قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الدجال، وقال: "لا يخف عليكم (إن ربكم ليس بأعور) وأشار إلى عينه، وإن المسيح الدجال أعور، وعينه اليمنى كأن عينه عنبة طافية" استدل العلماء بهذا الحديث على إثبات العينين لله عز وجل ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (ما من نبي إلا وأنذر أمته المسيح الدجال، وإن الدجال أعور العين اليمنى مكتوب بين عينيه كاف فاء راء) يعني: كافر.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة خير من الدنيا وما فيها) ثم قال أبو هريرة - رضي الله عنه - اقرءوا إن شئتم قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩) }
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت آمن من عليها في ذلك، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما خرجت فالأخرى على إثرها قريبة) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، والأمارات أو الأشراط كثيرة.
فمن الأمارات التي ذكرت في هذا الحديث الذي ذكرنا موت الرسول صلى الله عليه وسلم وفتح بيت المقدس، وداء بسببه يفشو الموت، واستفاضة المال، وفتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، وهدنة بين المسلمين وبين النصارى، ثم غدر النصارى، وخروج الدجال، وظهور الدخان، وخروج دابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، ووقوع ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وظهور نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
والأحاديث التي اختلفت في تعداد الأمارات أنها يجاب عنها: أنها هذا الاختلاف إنما هذا التعداد، إنه مفهوم عدد ولا مفهوم له يفيد الحصر. هذه أمثلة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم (إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها) فإن المراد أول الآيات القريبة.
أول الآيات القريبة الكبرى التي هي قريبة من الساعة، والتي ليست مألوفة طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، فطلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة، أول الآيات السماوية، كما أن خروج الدابة أول الآيات الأرضية، وإلا فإن الدجال وخروج المهدي والدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج -هذا يكون قبل طلوع الشمس من مغربها وقبل الدابة إلا أن كل ذلك أمور مألوفة؛ لأنهم بشر مشاهدة مثلهم مألوفة، بخلاف طلوع الشمس من مغربها، فإنها على خلاف عادتها المألوفة، وكذلك الدابة ومخاطبتها للناس ووصفها إياهم بالإيمان أو الكفر أمر خارج عن مجال العادات، كذلك رفع القرآن من الصدور ومن المصاحف.

<<  <   >  >>