للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق، الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به، فهي مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن، وسلامة الآلات، فهي قبل الفعل، وبها يتعلق الخطاب، وهو كما قال -تعالى- {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}


هذا المبحث يسمى مبحث الاستطاعة، والاستطاعة والطاقة والقدرة والوسع بمعنى واحد، هذا المبحث يسمى مبحث الاستطاعة.
الاستطاعة: ما معنى الاستطاعة، أي القدرة والطاقة والوسع، كون الإنسان يستطيع يفعل الشيء، يقدر على فعل الشيء، يتمكن من فعل الشيء، يسعه فعل الشيء، هذا يسمى استطاعة، يسمى طاقة، يسمى قدرة، ووسع.
مبحث الاستطاعة: هل العباد يستطيعون، أو لا يستطيعون؟ هل لهم استطاعة؟ هل لهم قدرة؟ وهل الاستطاعة والقدرة نوع واحد، أو نوعان؟ هذا يسمى مبحث الاستطاعة والقدرة، والناس لهم في ذلك ثلاث مذاهب كم مذهب؟ ثلاثة مذاهب المذهب:
الأول: أن الاستطاعة والطاقة والقدرة نوع واحد فقط، وهي التي تكون مع الفعل مقارنة للفعل، ما تكون قبل الفعل، بمعنى التوفيق للفعل، وهذا مذهب الجبرية الجهمية، والأشاعرة يقولون: ما في طاقة إلا نوع واحد تكون مع الفعل، أما قبل الفعل فلا.
المذهب الثاني: أنها نوع واحد، ولكنها تكون قبل الفعل، ومعناها، وهي التي بمعنى توفر الأسباب، والآلات وهذا مذهب القدرية والمعتزلة.
المذهب الثالث: أن الاستطاعة نوعان: نوع يكون مع الفعل، بمعنى التوفيق والقدرة، ونوع يكون قبل الفعل بمعنى توفر الأسباب والآلات، يعني فكأن أهل السنة أثبتوا، قالوا: الاستطاعة نوعان: نوع يكون قبل الفعل، ونوع يكون مقارن للفعل، فالذي يكون مع الفعل يسمى بمعنى التوفيق والتسديد، والذي يكون قبل الفعل معناه توفر الأسباب والآلات.
الجبرية هم والجهمية والأشاعرة ما أثبتوا إلا النوع الأول، الذي يكون مع الفعل، والمعتزلة والقدرية ما أثبتوا إلا النوع الثاني الذي يكون قبل الفعل، وأهل السنة أثبتوا النوعين، فإذن أقسام الاستطاعة عند أهل السنة كم نوع؟ نوعان:
النوع الأول: الاستطاعة بمعنى التوفيق، وهي القدرة الموجبة للفعل، التي هي مقارنة للمخلوق.
النوع الثاني: استطاعة بمعنى توفر الأسباب والآلات، وهي القدرة الشرعية المصححة للفعل.
المقارنة بين النوعين: نريد الآن، نعرف مقارنة حتى يتبين، الآن نريد أن نحدد ما هي الأولى وما هي الثانية.
الأولى الاستطاعة التي بمعنى توفر الأسباب والآلات: هذه الأولى.
والثانية استطاعة بمعنى أيش بمعنى التوفيق.
الأولى الاستطاعة بمعنى التوفيق هذه الأولى، الاستطاعة بمعنى التوفيق، وهي المقارنة للفعل هذه الأولى.
الثانية: استطاعة بمعنى توفر الأسباب والآلات، وهي التي تكون قبل الفعل.
المقارنة بينهما: الأولى ليست مناط التكليف، فلا يتعلق بها الخطاب، خطاب الشارع، والثانية هي مناط التكليف، فلا يتعلق بها الخطاب، خطاب الشارع، يعني الأولى ليست مناط التكليف، يعني الله -تعالى- لا يكلف العبد إلا إذا كانت معه الثانية، الثانية: التي هي منها توفر الأسباب والآلات هذا هو المكلف، وإذا فقدت الثانية لا يكلف العبد؛ ولهذا نقول: الأولى ليست مناط التكليف، فلا يتعلق بها خطاب الشارع، ما هي الأولى؟ الاستطاعة بمعنى المقارنة للفعل، وهي التي بمعنى التوفيق، والثانية: هي مناط التكليف، وبها يتعلق الخطاب، هذا واحد.
الفرق الثاني: الأولى تكون مع الفعل، فلا تتقدمه، وهي الاستطاعة بمعنى التوفيق تكون مع الفعل، فلا تتقدمه، والثانية قد تتقدم الفعل، وقد تصحبه، تكون قبل الفعل، وتكون مع الفعل.
الفرق الثالث: الأولى خاصة بالمؤمن، ما هي الأولى الاستطاعة بمعنى التوفيق، التي تكون مع الفعل، الأولى خاصة بالمؤمن، والثانية عامة للمؤمن والكافر.
الفرق الرابع: الأولى ليست صفة للمخلوق، بل هي صفة لله، الأولى ليست صفة للمخلوق، وهي التوفيق، بمعنى التوفيق، فإن الله -تعالى- هو الموفق للفعل، القدرة بمعنى المقارنة للفعل، هذا التوفيق إنما هو من الله ليس من العبد، والثانية صفة للمخلوق، وهي توفر الأسباب والآلات.
الفرق الخامس: الأولى لا يتخلف عنها الفعل، الاستطاعة يعني: المقارنة إذا وجدت لا يتخلف الفعل لا بد أن يحصل الفعل، والثانية قد يتخلف عنها الفعل، قد يحصل، وقد لا يحصل.
الفرق السادس: الأولى ضدها الخِذلان، والثانية ضدها العجز هذه ستة فروق، إذا عرفتها وضبطتها، تبين لك وعرفت الفرق بينهما.

<<  <   >  >>