وتشبيه المشبهة عكس تشبيه النصارى، تشبيه المشبهة عكس تشبيه النصارى، فإن النصارى شبهوا المخلوق وهو عيسى -عليه الصلاة والسلام- بالخالق وجعلوه إلها، والمشبهة شبهوا الخالق بالمخلوق فانتقصوا الخالق وجعلوه مثل المخلوق، يقول أحدهم: لله يد كيدي وسمع كسمعي، وبصر كبصري، واستواء كاستوائي. أما المعتزلة فرءوسهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء الغزال وأصحابهما سُمُّوا المعتزلة؛ لأنهم اعتزلوا الجماعة من بعد موت الحسن البصري، أو لاعتزال شيخهم واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري فكانوا يجلسون معتزلين وقتهم، كان ذلك في أوائل المائة الثانية. والذي وضع أصول الاعتزال وأسسه وهو واصل بن عطاء، وتابعه عمرو بن عبيد تلميذ الحسن البصري، فالمؤسس للمذهب واصل بن عطاء والذي شرحه ووضحه هو أبو هزيل العلاف شيخ المعتزلة فهو مجدد المذهب والمُفَرِّع له حيث صنَّف لهم كتابين، وبيَّن مذهبهم وبناه على الأصول الخمسة، وكان ذلك في زمن هارون الرشيد. أصول المعتزلة والمعاني التي ستروها تحت كل أصل والرد عليها. أصول المعتزلة التي بنوا مذهبهم عليها، التي بنى مذهبهم عليها أبو هزيل العلاف خمسة وهي: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه أصول الدين. أصول الدين عند أهل الحق ما هي؟ أصول الدين عندنا الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، عند المعتزلة بدلوا أصول الدين عندنا قالوا: لا، عندنا أصولنا: التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل أصل ستروا تحته معنًى باطنا العدل ستروا تحته نفي القدر، وقالوا: إن الله لا يخلق الشر ولا يقضي به إذ لو خلقهم، ثم يعذبهم عليه يكون ذلك جورا والله عادل لا يجور. الرد عليهم نقول: يلزمكم على هذا الأصل الفاسد أن الله يكون في ملكه ما لا يريد، ويريد الشيء ولا يكون، ولازمه وصف الله بالعجز تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. الأصل الثاني: التوحيد ستروا تحته نفي الصفات والقول بخلق القرآن هذا معنى التوحيد، التوحيد معناه ينفون الصفات والقول بخلق القرآن، إذ لو كان غير مخلوق للزم تعدد القدماء. الرد عليهم نقول: يلزمكم على هذا القول الفاسد أحد أمرين: الأول نفي بقية الصفات عن الله كالعلم والقدرة وسائر صفاته، والقول بأنها مخلوقة فتلزمهم الشناعة والزور حيث نفوا ما أثبته الله لنفسه في القرآن والثاني: التناقض، ونفي صفة الكلام وجعلها مخلوقة وإثبات بقية الصفات. الأصل الثالث: إنفاذ الوعيد ستروا تحتها القول بخلود أهل الكبائر في النار. الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين ستروا تحتها القول بأن مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان، ولم يدخل في الكفر، فكان في منزلة بين الإيمان والكفر. الرد عليهم في الأصلين الآخرين بحديث الشفاعة: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) فهذا الحديث يدل على أمرين: الأول: أن معهم إيمان ففيه رد على الأصل الأخير، وهو قولهم بخروجهم من الإيمان بالمعصية. الثاني: أنهم أخرجوا من النار، ففيه رد على الأصل الثالث وهو قولهم بخلود العصاة في النار، كما يُرَدُّ عليهم بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وأما الأمر بالمعروف وهو الأصل الخامس ستروا تحته القول بأنه يجب عليهم أن يأمروا غيرهم ويلزموه بما وصلوا إليه باجتهادهم في الأمور النظرية الاجتهادية. الرد عليهم بحديث: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) فاختلف الصحابة في اجتهادهم في فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى بعضهم العصر في الطريق قبل الوصول، وقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد الحث على الإسراع، وقد فعلنا وصلى بعضهم بعد الوصول وخروج الوقت فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم أحد الفريقين؛ لأنها أمور نظرية يشتبه أمرها. وأما النهي عن المنكر فستروا تحته جواز الخروج على الأئمة بالقتال إذا جاروا وظلموا. الرد عليهم بحديث عوف بن مالك الأشجعي (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة) أخرجه مسلم.