والمراد خسران كفر، لأن هذا في هذه الآيات في بيان القرى الكافرة، أفأمن أهل القرى الكافرة أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩) } أي خسران كفر، وقد جاء فيها التعبير بالخاسرون، وأل للاستغراق يعني استغراق أنواع الخسر والخسران هو الكفر، فالآمن من مكر الله هو الذي لا يخاف الله، ليس عنده شيء من الخوف، فيأمن مكر الله، ويسترسل في المعاصي، ولا يبالي وأما اليائس من روح الله، فقد قال الله تعالى إخبارا عن يعقوب أنه قال لبنيه: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧) } فبين أن اليائس من رحمة الله كافر، لأنه ليس عنده رجاء ولا عمل لرحمة الله، بل هو متشائم قانط متشائم مسيئ للظن بالله. إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، والكفر هنا جاء بأل التي تفيد الإستغراق، والمعنى أنه أن اليائس كافر كفر أكبر، فأخبر الله ذلك أخبر الله عن يعقوب عليه الصلاة والسلام، وجاء شرعنا بإقراره، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن اليائس دون ذلك، وفي سورة الحجر قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦) } أخبر عن إبراهيم: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦) } والقانط هو اليائس، فهو ضال ضلال كفر؛ لأن أل أيضا للاستغراق، وما ذاك إلا لأن اليائس من رحمة الله متشائم قانط، ليس عنده شيء من الرجاء ولا الأمل في رحمة الله وعفوه، فليس عنده شيء من الرجاء والأمن من مكر الله، ليس عنده شيء من الخوف لا يخاف الله، ولا يبالي الذي لا يخاف الله لا يعمل عملا صالحا، لا يكون عنده شيء من الخوف، وكذلك اليائس قانط متشائم يرى أنه هالك مسيء للظن بالله.