للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقول: "الله أعلم" فيما اشتبه علينا علمه


هذا معتقد أهل السنة والجماعة، موقفهم من النصوص المتشابهة والمحكمة، موقف المسلم من النصوص المتشابهة والمحكمة، المتشابه يفوضون أمره إلى الله، ومثاله المغيبات: مثل كنه الذات ذات الرب، وكنه الصفات، وكنه نعيم الآخرة، هذا متشابه نفوض إلى الله ما نعلم كنه الرب، ولا كنه الصفات، ولا كنه حقائق الآخرة، نفوض الأمر إلى الله، وأما المحكم؛ فإنه يفسر، ويعلم، ويبلغ، ويعمل به يعني: يعمل بما يعرف منه مثل إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج والصوم، وأشباه ذلك.
الأدلة من الكتاب على ذم القول في الدين بغير علم:
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} .
وجه الدلالة: أن الله ذم من اتبع هواه، ومن تكلم بغير علم؛ فإنما يتبع هواه.
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٤) } .
وجه الدلالة: أن الله ذم المجادل بغير علم؛ لأنه قال في الدين بغير علم.
وقال تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا} .
وجه الدلالة: أن الله ذم المجادلين في آيات الله بغير علم.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣) } .
وجه الدلالة: أن الآية دلت على تحريم القول على الله بغير علم، وكذلك قول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} .
ومن السنة، الأدلة على السنة على رد علم ما لم يعلم إلى الله:
الأدلة كثيرة من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أطفال المشركين قالوا: الله أعلم بما كانوا عاملين، وقال عمر - رضي الله عنه - (اتهموا الرأي في الدين، فلو رأيت اليوم أبا جندل، فلقد رأيتني، وأني لأرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيي فأجتهد، ولا آلو، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال: اكتب باسمك اللهم‍‍، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب وأبيت، فقال: يا عمر تراني قد رضيت، وتأبى؟) وقال أيضا: السنة ما سنه الله ورسوله، لا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمور، وقال أبو بكر - رضي الله عنه - أي أرض تقلني وأي سماء تظلني، إن قلت في آية من كتاب الله برأيي، أو بما لا أعلم. قال أبو بكر - رضي الله عنه - حينما نزلت به قضية، فلم يجد في كتاب الله فيها أصلا، ولا في السنة أثرا فاجتهد برأيه، ثم قال هذا رأيي؛ فإن يكن صوابا يكن من الله، وإن يكن خطأ، فمني وأستغفر الله.
كل هذه الأدلة تدل على أن المسلم موقفه من النصوص المتشابهة، يرد علمها إلى الله والمحكم يفسر، ويعلم، ويعمل به على حسب ما جاء في النصوص. نعم.

<<  <   >  >>