للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الأول: وهو توحيد الربوبية توحيد الله بأفعال الرب، الخلق والرزق والإماتة والإحياء هذه أفعال الله، فأنت توحد الله بأفعاله هو، توحيد الله بأفعاله، توحيد الربوبية توحيد الله بأفعاله.

أما توحيد الألوهية فهو توحيد الله بأفعال العباد بأفعالك أنت أيها الإنسان من صلاة وزكاة وصوم وحج وبر للوالدين وصلة للرحم، هذه أفعالك أنت وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكف نفسك عن المحرمات تتقرب بها إلى الله، توحد الله بها بأن تتقرب إلى الله، وتخلصها لله، وتريد بها وجه الله والدار الآخرة، هذا هو توحيد العبادة.

وتوحيد العبادة هو أول دعوة الرسل وآخرها، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله، وهو أول دعوة الرسل وآخرها كما أخبر الله تعالى عن الأنبياء.

قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وقال سبحانه: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) } .

هذا التوحيد توحيد الألوهية هو أول الدين وآخره، وظاهره وباطنه، وأول دعوة الرسل وآخرها، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله، وأول ما يدخل به المسلم في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) .

وهذا التوحيد لأجله خلق الله الخليقة، ولأجله أرسل الله الرسل، ولأجله أنزل الله الكتب، ولأجله قام سوق الجهاد، ولأجله حقت الحاقة، ولأجله وقعت الواقعة، ولأجله انقسم الناس إلى شقي وسعيد، إلى كفار ومؤمنين، وهذا التوحيد هو الغاية المحبوبة لله والمرضية له، هو الغاية المحبوبة لله، والغاية التي ترضي الله عز وجل هذا التوحيد.

وهذا التوحيد هو الذي وقعت فيه الخصومة بين الأنبياء والرسل في قديم الدهر وحديثه، الأنبياء والرسل إنما نازعهم وخاصمهم مخاصمة منهم في هذا التوحيد، بخلاف توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات فهما توحيدان فطريان قد أقر بهما جميع الخلق إلا من شذ، إلا بعض الطوائف التي شذت وانتكست فطرتها، وعميت بصيرتها.

وإلا فجميع الخلائق يقرون بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، والنزاع والخصومة بين الأنبياء والرسل في هذا التوحيد، وهو توحيد الألوهية والعبادة، والتوحيد توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات هما الوسيلة والغاية تفيد العبادة والألوهية توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات أن تعرف ربك، وتعلم ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله فإذا عرفت ربك عبدته، وتقربت إليه، وأخلصت العبادة له، فتوحيد الربوبية والأسماء والصفات أن تعلم ربك بأسمائه، وتعرف ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله، تعرف معبودك ثم تعبده وتخلص له العبادة.

ومن العلماء من قسم التوحيد إلى قسمين، كشيخ الإسلام وابن القيم قالوا: التوحيد ينقسم إلى قسمين، وهذا التقسيم بالنسبة إلى الخبر والإنشاء، بالنسبة إلى الخبر والإنشاء قالوا: ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: توحيد في المعرفة والإثبات.

والقسم الثاني: توحيد في الطلب والقصد، توحيد في المعرفة والإثبات وهذا يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، يقال له توحيد في المعرفة والإثبات، ويقال له التوحيد القولي، ويقال له التوحيد الاعتقادي، ويقال له التوحيد العلمي الخبري.

والثاني: توحيد الإرادة والطلب وهو توحيد العبادة.

قال العلماء: إن التوحيد الأول وهو التوحيد في المعرفة والإثبات كما ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله- وغيره هو إثبات حقيقة ذات الرب وأسمائه وصفاته وأفعاله، وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته، وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح، كما في أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر سورة الحشر، وأول سورة الم تنزيل السجدة، وسورة الإخلاص بكمالها.

وكما في قوله -سبحانه وتعالى-: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) } .

<<  <   >  >>