هنا اختلف الفقهاء اختلافًا كبيرًا نستطيع أن نردهم فيه إلى فريقين رئيسيين:
الفريق الأول: يرى عدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون إما مطلقًا، وإما في بعض الأموال.
الفريق الثاني: ويرى وجوب الزكاة في أموالهما جميعًا.
وسنوضح آراء الفريقين، ثم نبين الرأي الراجح فيما يلي:
أولًا: القائلين بعدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون إما مطلقًا، وإما في بعض الأموال، هؤلاء قالوا: ليس في مالهم زكاة، ينظر في ذلك لـ (المحلى) لابن حزم الجزء الخامس صـ٣٠٣ وما بعدها، طبعة ١٩٦٨.
ويرى الأحناف: أنه لا زكاة في مالهما إلا في الزروع والثمار، فتجب فيها الزكاة، واستدل هؤلاء على ما ذهبوا إليه من أنه لا تؤخذ الزكاة من مال الصبي والمجنون بالآتي قول الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}(التوبة: من الآية: ١٠٣).
وجه الدلالة من الآية: أن التطهر إنما يكون من أرجاس الذنوب، ولا ذنب على الصبي والمجنون حتى يحتاج إلى تطهير وتزكية، فهما إذًا خارجان عمن تؤخذ منهم الزكاة، ينظر في ذلك الدكتور يوسف القرضاوي (فقه الزكاة) الجزء الأول صـ١٠٧ وما بعدها.
ومن أدلتهم أيضًا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق)).
وجه الدلالة من الحديث: أن رفع القلم كناية عن رفع التكليف، فهما إذًا ليسا مكلفين بالزكاة.
ومن القياس: استدلوا بقولهم: إن الزكاة عبادة محضة كالصلاة، والعبادة تحتاج إلى نية، والصبي والمجنون لا تتحقق منهما النية، فلا تجب عليهما الزكاة، كما لا تجب عليهما الصلاة.