وقالوا أيضًا: إن المصلحة تستدعي عدم وجوب الزكاة في مال الصبي، قالوا: إن مصلحتهما تدعو إلى إبقاء مالهما، وعدم فرض الزكاة فيه؛ لأن ذلك يؤدي إلى استهلاكه؛ لعدم قدرتهما على تنمية أموالهما، والنماء هو علة وجوب الزكاة، وفرض الزكاة في مالهما يعرضهما لذل الحاجة، وهوان الفقر، يراجع في ذلك الدكتور القرضاوي (فقه الزكاة) الجزء الأول صـ١٠٧ وما بعدها، و (حاشية ابن عابدين) للحنفي الجزء الثاني صـ٤ وما بعدها.
هذه هي أدلة أصحاب الرأي الأول القائلون بأنه لا زكاة في مال الصبي والمجنون.
وإذا رجعنا إلى الرأي الآخر المقابل وهو رأي جمهور الفقهاء القائل بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون؛ فنقول: ذهب إلى وجوب الزكاة في سائر أموال الصبي والمجنون الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد، وهو قول الثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وعبد الله بن عمر، وعلي، وعائشة، وجابر بن عبد الله -رضي الله عن الجميع- يراجع في ذلك (المغني) لابن قدامة الجزء الثاني ٤٩٣ وما بعدها.
واستدل هؤلاء على ما ذهبوا إليه بالآتي: عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة في مال الأغنياء وجوبًا مطلقًا بلا استثناء للصبي والمجنون؛ كقوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}(التوبة: من الآية ١٠٣) فالآية هنا جاءت عامة، لم تفرق بين ما إذا كان المأخوذ من ماله صبيًّا، أو مجنونًا، أو عاقلاً، أو بالغًا؛ ولذلك الآية بعمومها تشمل الصبي والمجنون، وما دامت تطالب المسلم بإخراج الزكاة فهي تنطبق على الصبي والمجنون أيضًا.