وكقوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن:((فأَعلِِمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم)) فكلمة: ((تؤخذ من أغنيائهم)) جاءت عامة، لم تفرق بين ما إذا كان هذا الغني بالغًا عاقلًا، وبين ما إذا كان صبيًّا أو مجنونًا.
فإذن: هذا الحديث يدل على أن الزكاة تجب في مال الصبي، نظرًا للعموم الوارد في الحديث.
فالآية -كما قال ابن حزم- عامة لكل صغير، وكبير، وعاقل، ومجنون؛ لأنهم كلهم محتاجون إلى طُهرة الله تعالى لهم، وتزكيته إياهم، وكلهم من الذين آمنوا.
وقال في الحديث: فهذا عموم لكل غني من المسلمين، وهذا يدخل فيه الصغير، والكبير، والمجنون، إذا كانوا أغنياء، يراجع في ذلك (المحلى) لابن حزم الجزء الخامس صـ٢٩٨ وما بعدها.
ومنها أيضًا حديث خاص ورد في الأمر بتزكية مال اليتيم، فقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ابتغوا في مال اليتيم أو في أموال اليتامى، لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة)) وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا:((اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة)).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالعمل على تنمية أموال اليتامى، وكذلك المجانين بالتجارة وابتغاء الربح، وحذر من تركها دون تنمية، فتأكلها الصدقات، ولا شك أن الصدقة إنما تأكلها لإخراجها، وإخراجها لا يجوز إلا إذا كانت واجبة، حيث لا يجوز للولي أن يتبرع بمال الصغير في غير واجب.
فهذان الحديثان يدلان إذن على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون.