للسعاة فقط فهذا يدل -كما قال الأحناف- على أنه لا تأثير للخلطة في الزكاة، وإن قلنا بأنه موجه للملاك، فيدل ذلك على أن للخلطة تأثير في الزكاة كما يرى جمهور الفقهاء.
لكن هناك أيضًا من جمع بين الاثنين وقال بأن: قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع)) من الممكن أن يكون موجهًا إلى السعاة، وموجه إلى الملاك أيضًا.
موجه إلى السعاة حتى لا يريدون أخذ أكثر مما هو مطلوب، وموجه إلى الملاك -أرباب الأموال- حتى لا يتهربون من الزكاة عن طريق جمعها مع بعضها البعض، أو تفريقها حتى تسقط الزكاة، أو تقل الزكاة، وهذا التفسير هو الذي ارتضاه أبو عبيد في كتابه (الأموال) صـ ٤٨٤ ٤٨٦ وقال: إن هذا يصلح أن يكون حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- موجه إلى أرباب الأموال، كما هو موجه إلى السعاة، أي: الذين يقومون بالجبايا.
وبالتالي بناء على هذا التفسير الذي اختاره أبو عبيد يكون الحديث متمشيًّا مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وهو أن: للخلطة تأثيرًا في الزكاة أي: أنها تجعل مال الرجلين كمال رجل واحد في الزكاة -كما بينا ذلك.
وخلاصة هذا كله أن الجمهور يرون أن هذا الحديث يفيد نهي الملاك والسعاة معًا عن ذلك كله، كما يرون أن ذلك يكون على المخالطة وعلى الملك أيضًا، وليس على الملك فقط، كما رآه أصحاب الرأي الثاني، فهو بهذا يريد ثبوت تأثير للخلطة.
ونحن نرجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من ثبوت تأثير الخلطة في الزكاة، أي: أنه إذا اختلط شخصان أو أكثر فإنهم يجمعون مالهم في الزكاة، ويزكون زكاة مال