قال بها أصحاب كل مذهب بالنسبة لأدلة المخالفين لهم والرد عليها وتضعيفها، وعند التعارض بين الأدلة يكون الترجيح بينها بالجمع بينها إن أمكن، فإذا لم يمكن الجمع فيرجّح بين الأدلة، ويؤخذ بالقوي منها دون الضعيف، ويرجح الأقوى على القوي وهكذا.
والجمع بين المذهبين معًا أي الذين يقولون بوجوب الزكاة في الحلي، والذين يقولون بعدم وجوب الزكاة فيه، أقول: الجمع بين المذهبين معًا لا يمكن العمل به؛ لتعارضهما في الحكم، وكذلك لتعادل الأدلة عند الفريقين في مجموعها قوة وضعفًا، فلم يبقَ إلا ترجيح أحد القولين أو المذهبين على الآخر، ولما كان الترجيح بمعناه الدقيق بالنسبة لنا في هذا المقام يصعب الوصول إليه لصحة أدلة كل مذهب في الجملة، والعمل بها في زمن الصحابة والتابعين، وأئمة المذاهب الفقهية فسوف نكتفي بما ذكره الفقهاء والعلماء في هذا المجال.
يقول الإمام الشيرازي الشافعي: في الحلي وإن كان لاستعمال مباح كحلي النساء وما أعد لهن، وخاتم الفضة للرجال ففيه قولان: أحدهما لا تجب فيه الزكاة، لما روي عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((ليس في الحلي زكاة)) ولأنه معد لاستعمال المباح، فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل من الإبل والبقر، يعني الإبل والبقر التي يستعملها الإنسان في الزراعة هذه لا زكاة فيها، والثاني تجب فيه الزكاة، واستخار الله فيه الشافعي واختاره، يعني اختار أنه تجب فيه الزكاة لما روي:((أن امرأة من اليمن جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معها ابنتها في يدها مسكتان غليظتان من الذهب، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتعطين زكاة هذا؟ فقالت: لا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار يوم القيامة؟ فخلعتهما فألقتهما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: هما لله ولرسوله)) وأيضا الحلي من جنس الأثمان، فأشبه الدراهم والدنانير.