وقال ابن رشد بعد أن ذكر أثر جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ((ليس في الحلي زكاة)) كدليل لمن لا يوجب الزكاة في الحلي، وأُثر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في المرأة التي جاءت مع ابنتها، وفي يد ابنتها مسك من ذهب، فقال لها: أتؤدين زكاة هذا؟ والذي سبق ذكره بتمامه، والأثران ضعيفان بخاصة حديث جابر.
وقال الموصلي في باب زكاة الذهب والفضة: وتجب فيما مضروبهما وتبرهما وحليهما وآنيتهما نوى التجارة أو لم ينوِِ إذا كان ذلك لصبر+٤٢:٥ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(التوبة: من الآية: ٣٤) علق الوجوب باسم الذهب والفضة، وأنه موجود في جميع ما ذكرنا؛ لأن المراد بالكنز عدم إخراج الزكاة، فحديث جابر وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: "كل ما لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرًا، وما أديت زكاته فليس بكنز، وإن كان مدفونًا، وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:((كنت ألبس أوضاحًا من الذهب، فقلت: يا رسول الله، أكنز هي؟ فقال: إن أديتِ زكاته فليس بكنز)) فيسير تقدير الآية: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ورأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهما سوارين من ذهب، فقال:((أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار؟ قالتا: لا. فقال: فأدّيا زكاتهما)).
هذا وللمكلف اختيار ما تطمئن إليه النفس من المذهبين بعد ذكرنا لهذه النصوص ولهذه الأدلة بتمامها؛ لأن هذا الموضوع يشغل بال المسلمين كثيرا، نقول للمكلف بعد ذكرنا لهذه الأدلة أدلة القائلين بالوجوب، وأدلة القائلين بعدم الوجوب، وذكرنا لنصوص الفقهاء في هذا الأمر، نقول للمكلف اختيار ما تطمئن إليه النفس من المذهبين للعمل به بعد استخارة الله -سبحانه وتعالى- كما فعل الإمام الشافعي -رضي الله عنه- ومن مال إلى العمل بما قال به الشافعي بعد استخارته فهو أولى وأفضل، والله -تبارك وتعالى- أعلم.