أيضًا تجنب الراجعية في الزكاة, قد يحدث في بعض الأحيان أن بعض المكلفين عندما تفرض عليه الضريبة يحاول أن يتخلص منها أو من بعضها عن طريق نقلها إلى غيره, وقد يساعده على ذلك ظروف المجتمع الاقتصادية, وعلاقته بأفراد مجتمعه, وبذلك يتخلص من بعض التكاليف المالية المفروضة عليه.
وفي الواقع تعتبر راجعية الضريبة في النظم الوضعية إحدى العقبات الأساسية في تحقيق المساواة بين المواطنين في تحمل التكاليف المالية المقررة في الدولة.
ومن أمثلة الراجعية في الضريبة: المنتج أو التاجر الذي يحسب الضريبة التي يدفعها ضمن نفقات إنتاجه, أو ثمن سلعته, ويضفيها بالتالي إلى ثمن مبيعاته, وكذلك المالك الذي يزيد الأجرة بما يُفرض عليه من ضريبة عقارية, وإذا كان ذلك وضع الضرائب وموقف كثير من المكلفين ممن لم يقدروا المصلحة العامة حق قدرها, فإن وضع الزكاة يختلف عن الضريبة في هذا الشأن, ونظرة الناس إليها غير نظرتهم إلى الضريبة, فالمسلم يشعر أن الزكاة ليست علاقة بينه وبين حكومة أو إدارة تحصيل, بل هي علاقة بينه وبين ربه -سبحانه وتعالى- قبل كل اعتبار, وهذا هو معنى العبادة في الزكاة التي بأدائها يتقرب المسلم إلى الله, ويشعر حين يؤديها أنه يحقق ركنًا من أركان الإسلام, ومن هنا كان إيتاؤها طاعة وصلاحًا.
وبالإضافة إلى ما سبق فإن المسلم يعلم جيدًا أن الزكاة حق من حقوق الله واجب الأداء, ومن الطبيعي أن ما ذكرناه يولد في نفس المكلف الشعور بعدم إمكانية التحلل منها بطريق أو بآخر, وهذا الشعور في الواقع هو الشرط الأساسي لتجنب الراجعية في الزكاة.