المسلمين, أجهزة مركزية للدولة الإسلامية, فقد جاء في كتابه -صلى الله عليه وسلم-- إلى زرعة بن ذي يزن ((إذا أتاكم رسلي فإني آمركم بهم خيرًا: معاذ بن جبل, وعبد الله بن رواحة, ومالك بن عبادة, وعتبة بن نيار, ومالك بن مرارة, وأصحابهم, فأجمعوا ما كان عندكم للصدقة والجزية, فأبلغوه رسلي, فإن أميرهم معاذ بن جبل)). الأموال لأبي عبيد صـ ٢٥٩ وما بعدها.
ومعنى هذا أن زرعة كان لديه جهاز إقليمي للجباية, وكان لدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهاز مركزي للجباية, كان من أعضائه معاذ بن جبل, فوجود جهاز محلي مختص بالجباية, دون تدخل من الأجهزة المركزية, يمنع من أخذ الزكاة مرتين على المال نفسه, وفي نفس المدة, وبذلك لا يحدث ازدواج في تحصيل الزكاة.
منع الازدواج في الزكاة يحقق المساواة بين المكلفين، الأصل أن توزع الأعباء المالية بين أفراد المجتمع توزيعًا عادلًا, يتفق وقدرة المكلف المالية, وبحيث لا يؤدى المقدار الواجب عليه مرتين عن نفس المال الخاضع للزكاة, فإذا حصل ازدواج في الزكاة فإن الشخص الذي لحقه هذا الازدواج يتحمل عبأًُ ماليًّا أكبر من العبء الذي يتحمله مكلف آخر, له نفس المقدرة المالية التي للمكلف الأول, وبهذا تنتفي المساواة بين المتماثلين, وفي هذا إخفاق لمبدأ المساواة الذي يجب أن يسود بين المواطنين في تحمل التكاليف المالية المقررة.
ومن ناحية أخرى فإن الشخص الذي لحقه الازدواج سيفقد الثقة في الجهاز القائم على تحصيل الزكاة؛ نتيجة لشعوره بظلم وقع عليه, وهذا قد يؤدي به إلى التهرب من أداء ما يجب عليه من زكاة, والتهرب يهدر مبدأ المساواة بين الناس في تحمل التكاليف المالية المقررة, أما في حالة العمل على منع هذا الازدواج فإن كل إنسان سيتحمل من التكاليف المالية المقدار الذي يتناسب مع قدرته المالية فحسب, وبالتالي سيتحقق مبدأ المساواة المشار إليه.