الرد على هذا الرأي الذي يربط الشورى بمبدأ سيادة الأمة، فنقول: إن تلك المحاولة للرد بين مبدأ الشورى كما جاء به الإسلام، وبين مبدأ أو نظرية سيادة الأمة بمفهومها المعروف في الفقه الدستوري الحديث، ليست إلا محاولة لخلق مشكلة فقهية بالغة التعقيد، وإنه ليبدو لنا أن الذي دعا أولئك العلماء إلى محاولة الربط بين المبدأين المذكورين، وهو الشورى وسيادة الأمة، هو محاولة التقليد، ونزعة التأثر بآراء العلماء والفقهاء الغربيين، وكذلك خشية أولئك العلماء أن يعاب على التفكير الفقهي الإسلامي أنه لا يوجد به مكان لكل نظرية سياسية أو دستورية قديمة أو حديثة، فكأنهم بذلك يجارون المصطلحات التي تأتي لنا من فقهاء القانون الغربيون.
بيد أن تلك المحاولة للربط بين المبدأين، وإيجاد علاقة بينهما هي في الحقيقة محاولة لا تستند إلى أساس علمي سليم، ويمكن الرد على تلك الأسانيد التي سبقت لتبريرها بما يأتي:
أولا: أن مبدأ سيادة الأمة هو ثمرة نظرية حديثة المنشأ، فرنسية المنبت فقد كان فيلبو الفرنسي هو أول مفكر تكلم عن فكرة سيادة الأمة، وذلك في عام ١٤١٤ ميلادية، حين قرر أمام الهيئة النيابية التي كانت تمثل الطبقات في فترة ما قبل الثورة الفرنسية، وذلك عند بحث موضوع الوصاية على الملك القاصر شارل الثامن، يقرر أن الشعب الفرنسي هو وحده صاحب السيادة، وهو الذي يهب الملك هذا الحق، فطالما أن الملك قاصر، فإنه يكون للشعب الفرنسي أو الجمعية النيابية التي تمثله الحق في الوصاية عليه هذا مع ملاحظة أن الأمراء الفرنسيين كانوا يرون في ذلك الحين أنهم هم وحدهم أصحاب الحق في تنظيم الوصاية على