الملك القاصر، دون الشعب الفرنسي، ولما جاءت الثورة الفرنسية، قررت أن السيادة للأمة وحدها، فليس من صواب الرأي إذا أن نحاول إرجاع جذور تلك النظرية إلى أحكام الإسلام، وإلى التفكير الإسلامي القديم، فنحن لا نجد في كتابات الفقهاء، والمفكرين المسلمين القدامى أية إشارة إلى نظرية سيادة الأمة، أو الاعتماد على مفهومها أو نتائجها كما أننا لا نجد عندهم هذه المحاولة للربط بين مبدأ الشورى، وبين مبدأ سيادة الأمة، كما فعل ذلك أولئك العلماء المحدثون في عصرنا الحاضر.
والواقع أننا نجد أن المفهوم الحديث لمبدأ سيادة الأمة لم يتضح إلا في إعلان حقوق الإنسان الفرنسي، وهو الإعلان الذي أصدرته الجمعية الوطنية في ٢٦ أغسطس ١٧٨٩ ونصت المادة الثالثة منه على أن الأمة هي صاحبة السيادة، ومستقرها، وقد تكرر النص على مبدأ سيادة الأمة في دستور ١٧٩١ ثم نص عليه بعد ذلك في دستور السنة الثالثة عام ١٧٩٥ وهكذا جعلت الثورة الفرنسية من نظرية سيادة الأمة قاعدة دستورية عامة أخذت في الذيوع والانتشار في معظم الدول.
ثانيا: أن مفهوم الأمة في الإسلام يختلف كثيرًا عن مفهوم الأمة في الفقه الدستوري الحديث، فبينما يعرفها هذا الفقه بأنها جماعة من الناس مستقرة على بقعة معينة من الأرض، وتجمع بين أفرادها الرغبة المشتركة في العيش معا، إذ بنا نجد أن الأمة في الإسلام لها مدلول آخر يختلف عن ذلك المفهوم، فأحيانا قد يقصد بلفظ الأمة بعض أفرادها فحسب، وليس كل الأفراد، وذلك يتضح من قول الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: ١٠٤) فهنا نجد أن قول الله تعالى: