{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} يستفاد منه أن المقصود بالأمة ليس كل أفراد المسلمين، وإنما يتجه الخطاب إلى قسم منهم، فحسب بدليل وجود لفظ {مِنْكُمْ}.
والراجح لدى علماء التفسير أن تلك الجماعة من الأمة التي يريدها الله أن تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، هي جماعة المؤمنين، وظاهر أن الأمة بهذا المعنى أي: باعتبارها جزءا فحسب من جماعة الناس هو أمر لا يتفق مع مفهوم الأمة الذي تعرفه نظرية سيادة الأمة في القانون الوضعي بمعناها الفقهي الحديث، وحتى بالنسبة للآية التي استند إليها نفر من العلماء كدليل على أن الإسلام يأخذ طبقا لمبدأ الشورى بمبدأ سيادة الأمة، وهي قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}(النساء: من الآية: ١٣٥) فإننا نجد أن الخطاب في هذه الآية موجه إلى الذين آمنوا، وهم قليل من المسلمين وليس كل أفراد الأمة بمعناها المعروف.
ومن الردود أيضا على هذه النظرية التي تربط بين الشورى، وبين مبدأ سيادة الأمة، نقول: وحتى بالنسبة للنتائج التي تترتب على مبدأ سيادة الأمة، فإننا نجد اختلافا كبيرا بين الفكر الإسلامي، والفكر الدستوري حول هذا الموضوع، فإحدى نتائج هذا المبدأ أن يكون لإرادة الأمة السلطة العامة أو السيادة التي لا توجد سلطة عليا أخرى أعلى منها، ومظهر تلك السلطة هو القانون الذي يعبر عن سيادة الأمة، ولكن كيف نطبق ذلك بالنسبة للإسلام، وهل يمكن أن يكون التشريع في الإسلام هو التعبير عن إرادة الأمة التي نجد غالبية أفرادها مسلمين اسما فحسب، أم أن التشريع على عكس ذلك؟ إنما يعبر أولا بالنسبة للإسلام عن أحكام الشريعة الإسلامية، وأن هذه الأحكام هي التي يجب أن يكون لها السيادة أو السلطة العليا؛