النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كانت هناك تتعدد المعتقدات، من وثنية وعبادة أصنام، وغير ذلك، فجاء الإسلام وبين لهم أن أصل الرسالات واحد، وأن الدين عند الله الإسلام.
وخاطب القرآن الكريم العرب لا على أنهم من قحطان أو عدنان، يعني: ليس على أنهم قبائل عربية، وإنما تذكرهم الآيات القرآنية بملة أبيهم إبراهيم، فقال تعالى:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ}(الحج: من الآية: ٧٨) وصارت وحدت الرسالات هي السبيل الذي جهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أن يخرج به العرب من نطاق التشتت القبلي إلى نطاق الوحدة، التي يدعوهم إليها باعتباره خاتم النبيين، وأن الدين الإسلامي هو دين أبيهم إبراهيم، قال تعالى:{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ}(الأنعام: ١٦٢) ويقول تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: ٦٨).
تلك كانت هي القواعد التي أرساها النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل جاهدًا على أن يرسيها في مكة بالنسبة للتنظيمات الإسلامية، لكن هل أهل مكة وكفار مكة تركوا النبي -صلى الله عليه وسلم- هكذا، ليهدم هذه النظم القبلية التي كانوا يعيشون في ظلها، والتي كانوا يستفيدون منها؟ لا وقفوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- فهناك مقاومة من النظم القبلية للتنظيمات الإسلامية التي أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرسيها في مكة كما أوضحنا قبل ذلك، فقد سلك الرسول الكريم على هدي القرآن الكريم سبيل التدرج والتطور لنشر الدعوة الإسلامية، وإقرار التنظيمات الجديدة التي جاءت بها تلك الدعوة في مواجهة المقاومة الضارية التي واجهتها من النظام القبلي في مكة.