تتوقف عليها أعظم المصالح في الدنيا والدين أفلا تكون أولى باهتمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها ولا يترك أمته إلا وقد أرشده إلى من سيلي أمورهم بعده.
وأما الأمر الرابع الذي استدلوا به على نصّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإمام قالوا: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد كمُل الدين كما قال سبحانه وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}(المائدة: من الآية ٣) وإذا كانت الإمامة أعظم أركان الدين فلا بد وأن تكون هي الأخرى قد تمت قبل وفاته، ولا يمكن أن تكون قد تمت إلا إذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد نصّ على من يكون إمامًا بعده.
ثم قالوا: فهذه الأمور الأربعة تدل دلالة واضحة على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد نصّ في حياته على شخص معين يلي أمر الأمة بعده.
هذه هي الأدلة التي استدل بها الشيعة الإمامية على أن الإمام لا يتعين إلا بالنص عليه، لكن جمهور العلماء قد ردوا عليه بالردود الآتية:
أولًا: أن هناك من الأحاديث والآثار الكثيرة ما يصرّح بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم ينصّ على إمامة أحد، فقد روي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال:((قيل: يا رسول الله من تؤمر؟ فقال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينًا زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويًّا أمينًا لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليًّا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديًا مهديًّا يأخذ بكم الطريق المستقيم)) وهذا هو ابن عمر يقول: حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا: جزاك الله خيرًا، ثم قال له: استخلف فقال: أتحمل أمركم حيًّا وميتًا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني: أبا بكر- وأن أترككم فقد ترككم من هو خير مني -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم.