ولما جُرح علي بن أبي طالب دخل عليه الناس يسألونه فقالوا: يا أمير المؤمنين أرأيت إن فقدانك أنبايع الحسن؟ قال: لا آمركم ولا أنهاكم وأنتم أبصر، فقال له رجل من القوم: ألا تعهد يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، ولكني أتركهم كما تركهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: من الأدلة أو من الردود التي ردّ بها الجمهور على الشيعة: يقول الجمهور: إن عليًا -رضي الله عنه- أظهر موافقته على خلافة أبي بكر، ثم رضي مع الناس بالعهد الذي عهده أبو بكر إلى عمر، بل علّق رضاه على أن يكون المعهود عليه عمر بن الخطاب، فقد روي "أنه لما ثَقُل أبو بكر أشرف على الناس من قوة فقال: أيها الناس إني قد عهدت عهدًا أفترضون به؟ فقال الناس: رضينا يا خليفة رسول الله، فقام علي فقال: لا نرضى إلا أن يكون عمر، قال: فإنه عمر".
فلو كان هناك من نصّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إمامة علي لما رضي بخلافة أبي بكر وبخلافة عمر، ولأظهر هذا النص ولقام يدافع عنه ويمنع غيره من أن يتولى إمامة المسلمين، وها نحن قد رأينا أبا بكر يقف أمام الأنصار مدافعًا عن اختصاص قريش بالإمامة مستدلًّا بحديث:((الأئمة من قريش)) فأطاعه الأنصار وانقادوا لخبر الواحد وتركوا ما كانوا يدافعون عنه، فكيف نتصور أن يكون هناك نصّ جليّ متواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إمامة علي بن أبي طالب ولا يكون هو مدافعًا عن حقه في الإمامة بين قوم ينقادون لخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو كان خبر واحد؟ وما يدعيه الإمامية من أن رضا عليّ بخلافة أبي بكر وعمر كان من قبيل التقية لا يُصدق، إذ شجاعة علي ابن أبي طالب مشهورة ومواقفه البطولية في المعارك التي خاضها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي الجمل وصفين ليست محلّ جدل، فكيف يتصور منه وحاله من الشجاعة ما عرفناه كيف نتصور منه أن يجبن وأن يلزم السكوت عن إبداء حقه إذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد نصّ على أنه الإمام بعده؟