وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة مبينة مظاهر هذا التماسك الاجتماعي وأساليبه؛ إذ يقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة)) ويقول أيضًا: ((المسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى ها هنا -وأشار إلى قلبه- بحسب امرئ من الشر أن يحقِّر أخاه المسلم)) هكذا يبين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم.
ويشبه -صلوات الله وسلامه عليه- هذا التماسك الاجتماعي وقوته بالجسد تارة، وبالبنيان تارة أخرى، فيقول:((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) كما يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا -وشبك بين أصابعه-)).
ويعتبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الخروج على الجماعة ومفارقتها رِدة جاهلية؛ فيقول:((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية)) كما يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبرْ، فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية)).
وأيضًا من الأمور أو التوجيهات التي وضعها الإسلام لأعضاء هذه المنظمة أو الجماعة التي تقوم بعمل معين هو: تبادل المشورة بين أفراد هذه الجماعة؛ فالإسلام لا يقتصر في الدعوة إلى التماسك الاجتماعي على الجانب السلوكي فقط، بل يمتد إلى الجانب الفكري، وذلك بدعوته أعضاء الجماعة إلى تبادل المشورة فيما بينهم، فيقول جل جلاله:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم}(الشورى: من الآية: ٣٨) كما