ومن ناحية أخرى رفض الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- إسناد الوظيفة لمجرد طلبها أو محاباة لصاحبي جليل، ما دامت لا تتوافر فيه الكفاية اللازمة لشغلها، فعن أبي موسى قال:((دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله -عز وجل- وقال الآخر مثل ذلك، فقال -صلى الله عليه وسلم- إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا يسأله أو أحدًا حرص عليه)) ويقال إن أبا ذر الغفاري، قال للرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا تستعملني يا رسول الله -أي: تستعملني على عمل- فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا ذر إنك ضعيف، وإني أحب لك ما أحبه لنفسي، وإنها أمانة، وإنها يوم القيام خزي وندامة إلا من أخذ بحقها، وأدى الذي عليه فيها)).
ويقول النووي تعليقًا على هذا الحديث: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية، ولا سيما لمن كان فيه ضعف، وهو من دخل فيها بغير أهلية، ولم يعدل، فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، فسئل وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة)) وهكذا حرص الإسلام على أن تكون تولية الوظائف على أساس الصلاحية، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق العمل والأجر، إذ يقول سبحانه وتعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}(النساء: ١٢٤) كما يقول تبارك وتعالى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}(آل عمران: ١٩٥).