ولو كان المخطط رجلًا غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاحتاج إلى قوات ضخمة؛ لتغطية هذه المهام، ولو كان القائمون بالعمل رجالًا غير أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاحتاج الأمر إلى جيش جرار، ولكن مع الرسول وأصحابه، فالأمر يختلف تكفل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وحده بمهام الإعداد، والتجهيز للهجرة، فأعد ناقتين له ولرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذ معه في هجرته كل ماله تاركًا أهله في ستر الله ورسوله كما قال، وتكفلت ابنته أسماء -رضي الله عنها- بمهام الإمداد والتمويل، فكانت تحمل الطعام للرسول وأبيها في الغار، وقد تحملت في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، قطعت مرة ثوبها وجعلت منه نطاقا؛ لتحمل به الطعام إليهما، فأسماها الرسول ذات النطاقين، وتعرضت للضرب الفاحش من أبي جهل حين سألها عن مكان المهاجرين الشريفين، فلما أجابته بأنها لا تعلم لطمها على وجهها لطمة قوية وقعت على أثرها على الأرض، وساهم معها عامر بن فهيرة في عملية الإمداد، فكان يذهب إلى الغار ليلًا، ويمد الرسول وصحبه بحاجتهما من اللبن، وتكفل عبد الله بن أبي بكر بدور رجل الاستطلاع، فكان يبيت مع الرسول وصحبه في الغار، ويصبح مع قريش وكأنه بائت معهم، ثم يعود بأخبار قريش إلى الغار،