للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (المؤمنون: الآيات: ١٢ - ١٥).

أما التنظيم بالمعنى الإداري: فيمكن القول: إن الإسلام قد وضع القواعد العامة للتنظيم الاجتماعي, والمتأمل لقوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (الزخرف: ٣٢) نقول: المتأمل لهذه الآية يدرك هذه الحقيقة بوضوح, فالآيات السابقة توضح أن الله -تعالى- قد جعل الاختلاف والتباين بين الناس سببًا لتقسيم العمل بينهم, وتحقيقًا لمبدأ التخصص, كل منهم حسب طاقته, وقدراته, وخبرته, كما أن الإسلام جعل الناس درجات؛ ليسخر الأعلى الأدنى في قضاء الأعمال التي تعود على المجتمع كله بالخير العميم, ولم يجعل الإسلام تسخير بعض البشر للبعض الآخر, لم يجعل هذا التسخير قائمًا على جنس, أو لون, أو رغبة في التحكم والعلو, وإنما ربط التسخير بطبائع البشر, وظروفهم, وإمكاناتهم, فجعلهم درجات بما اختلفوا من قوة وضعف, وعلم وجهل, وجد وخمول, وغير ذلك من أوجه الاختلاف.

ومن المهم هنا أن نذكر أن هذه الدرجات التي أقرها الإسلام, ورفع بها بعض الناس على بعض, والتي يمكن أن نطلق عليها في مجال الإدارة الهيكلَ الوظيفي, إنما تتميز بالمرونة حسب ظروف كل مجتمع, وحسب طريقة العمل المؤدَّي, فليس هناك ما يمنع من كان في درجة دنيا أن يرتفع بإيمانه إلى درجة أعلى, فإن الله لا يضيع أجر العاملين, وما دام العامل قد أحسن, ووصل إلى الكفاءة التي تؤهله لنيل الدرجة, فالإسلام يفتح له الباب للتقدم وللرقي, يقول تعالى:

<<  <   >  >>