{أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}(آل عمران: من الآية: ١٩٥) ويقول تعالى: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}(الكهف: ٣٠) والرقي والتقدم في الهيكل الوظيفي الإسلامي لا يفرق بين الرجل والمرأة, يقول تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل: ٩٧) وهذا يؤكد ما قلناه من أن درجات الرقي والتقدم مرهونة فقط بالإيمان, والعمل, وصدق الله العظيم إذ يقول:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}(الأنعام: ١٣٢).
وبعد أن وضع القرآن الكرم القواعد العامة للتنظيم الاجتماعي, جاء حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوضح هذه القاعدة في مواقف عدة, يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)) ويقول -صلى الله عليه وسلم:((المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا)) فالرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث ينظر للمجتمع الإسلامي على أنه مجتمع متكامل, ومن ثم فإن المنظمات القائمة فيه, هي منظمات اجتماعية, تتعاون فيها جميع الطاقات من أجل الوصول إلى أعلى المعدلات, وانطلاقًا من أن أي خلل في جزء يؤثر في الأجزاء الأخرى, وأي تقصير في تخصص يؤثر على تخصصات أخرى كثيرة؛ لذا فإن المتخصص في عمل معين لا يقتصر دوره على مجرد أداء عمله بكل ما لديه من طاقة فقط, بل تقع عليه قبل ذلك, وبعده, تبعة تقديم كل ما يملك من أفكار, أو نصائح, أو خبرات في المجالات الأخرى؛ انطلاقًا من مفهوم أن الدين النصيحة لله, ولرسوله, ولأئمة المسلمين, وعامتهم.