للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عبر عمر عن سبب ذلك الاتجاه بقوله: ما أدركنا الفضل في الدنيا, ولا رجونا الثواب في الآخرة, إلا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فهو أشرفنا, وقومه أشرف العرب وفي غير أقارب الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عمر يفضل السابقين على اللاحقين, ويؤيد ذلك بقوله: والله لا أجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه أي في العطاء.

ومما يذكر أن أبا بكر كان يعطي المسلمين عطاءً متساويًا, دون أن ينظر إلى النسب, أو للسبق في الإسلام, وحين أشير عليه بأن يفاضل بين الناس تبعًا للفضل والسبق, قال: أما ما ذكرتم من السبق والفضل فما أعرفني به؟ وإنما ذلك شيء ثوابه عند الله, وهذا معاش, يعني الأموال التي توزع على الناس هي معاش, فالأسوة فيه خير من الأثرة, يعني أن يأخذ الناس بالتساوي بدل أن نفاضل بينهم, على أن عمر في آخر أيامه مال إلى رأي أبي بكر, وأُثر عنه قوله: لئن عشت إلى هذه الليلة من قابل لألحقن آخر الناس بأولهم, حتى يكونوا في العطاء سواء, ولكنه توفى قبل ذلك.

كما فرض عمر للنساء والأطفال, فرض لهم من العطاء, وكان يفرض للطفل بعد فطامه, فأدرك أن الناس يتعجلون فطام أطفالهم؛ ليحظوا بالعطاء, فأمر مناديًا أن ينادي: لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام, وكتب بذلك إلى الآفاق أن يُفرض لكل مولود في الإسلام, ففرض عمر لكل مولود مائة درهم, فإذا ترعرع بلغ به مائتي درهم, فإذا بلغ رشده زاد له في العطاء, قال عمر: والذي لا إله إلا هو ما أحد إلا وله في هذا المال حق أُعطيه أو مُنعه, وما أحد أحق به من أحد, إلا عبد مملوك, وما أنا فيه إلا كأحدكم, ولكنا على منازلنا من كتاب الله -عز وجل- وقسمنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالرجل وبلاؤه

<<  <   >  >>