والنوع الثاني: وهو صلح عمر مع أهل إيلياء -أي: القدس- وهو صلح مشهور، وله أهميته الكبرى في التاريخ الإسلامي، جاء فيه:"هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان؛ أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم؛ أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن إيلياء معهم أحد من اليهود".
والواقع أن هذه المعاهد تعد مثلًا رائعًا من أمثلة الحفاظ على غير المسلمين؛ حتى أنه لم يرض عمر بأداء الصلاة في كنيسة القيامة؛ خشية أن يقتدي به المسلمون، ويقولون: هنا صلى عمر؛ فتصبح الصلاة في داخل الكنيسة حقًا، وقد يؤدي ذلك إلى الاستيلاء على الكنيسة.
وحدثت في العهد الرشيدي معاهدات أخرى كثيرة تؤكد مضمون هذه المعاهدة، مثل معاهدة خالد بن الوليد لأهل دمشق المتضمنة تأمينهم على دمائهم، وأموالهم، وكنائسهم مقابل الجزية.
ثم ننتقل إلى النوع الثاني من أنواع المعاهدات للإسلام، وهو المعاهدات التجارية:
فنقول: يجوز شرعًا عقد المعاهدات التجارية، وتنظيم المبادلات الخارجية مع غير المسلمين تأييدًا للأصل العام في علاقة المسلمين بغيرهم، وإقرارًا لمبدأ حرية التجارة، وتوفيرًا للموارد الضرورية التي يحتاجها المسلمون في شئون الحياة المعاشية، وعملًا بالسنة النبوية التقريرية؛ إذ أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- حلف المطيبين بين