ودار الحرب، ويتم ذلك بأحد طريقين: داخلي، وخارجي، أما الداخلي؛ فهو عقد الذمة، وأما الخارجي؛ فهو معاهدة السلام الدائمة.
وعهد الذمة، أو عقد الذمة هو التزام تقرير غير المسلمين في ديارنا، وحمايتهم من أي عدوان، والدفاع عنهم في مقابل ضريبة بسيطة هي الجزية، بشرط التزام أحكام الإسلام، والاستلام من جهتهم؛ فيصبح الذميون مقيمين في دار الإسلام، ويكونون مواطنين مثل باقي المسلمين، ما داموا لم ينقضوا العهد ويعكروا الصفو.
وأمثلته الصلح الدائم من السنة النبوية كثيرة منها صلحه -صلى الله عليه وسلم- مع أهل نجران.
المعاهدات في عهد الراشدين:
استمرت الحروب في عهد الصحابة بين المسلمين، ودولتي الروم، والفرس؛ فلم تعد المعاهدات لتنظيم السلم، أو المناصرة، أو التعاون، وإنما كانت إما لعقد الهدنة، أو لعقد الذمة بعد تخيير الأعداء -قبل بدء الحرب- بين أمور ثلاث: إما الإسلام، أو صلح الذمة، أو القتال، ونكتفي هنا بذكر مثالين بمعاهدتين عقدتا في عصر الراشدين:
أول معاهدة: كتاب عمر بن العاص لأهل مصر الذين اختاروا البقاء على المسيحية، جاء فيه:"أعطاهم الأمان على أنفسهم، وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينتقص، ومن دخل في صلحهم من الروم؛ فلهم مثل ما لهم، وعليه ما عليهم، هذا لمن أراد المقام في سلطاننا، وأما من أبى واختار الذهاب مع الروم؛ فهو آمن؛ حتى يبلغ مأمنه".