واعترض الفاروق عمر على ذلك -كما بان سابقًا- قال:((ألست نبي الله حقًا؟ قال: بلى، قال: عمر ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال عمر: فعلام نعط الدنية في ديننا إذن؟!)).
رد النبي أيضًا رجلًا آخر من قريشٍ جاء مسلمًا؛ فأرسلوا في طلبه رجلين تنفيذًا للعهد، واتفاق الفقهاء على أن عاقد الذمة هو ولي الأمر: الإمام، أو نائبه، هذا أمر لا بد منه؛ لأنها من المصالح العامة التي تحتاج إلى نظرٍ واجتهاد.
وذلك لا يتأتى لغير الإمام الذي يقدر مصلحة المسلمين العامة، وأما الصلح الخارجي؛ فيجوز عند جماعة من الفقهاء القائلين: بأن الأصل في العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم: السلم لا الحرب، أي أنه يجوز عقد صلح دائمٍ مع غير المسلمين في ديارهم، لا في ديارنا التي اغتصبوها، أو احتلوها، على نحوٍ يوفر السلم والأمن والتعايش الودي، ويكفل نشر الدعوة الإسلامية بطريقٍ سلميٍ، قائم على أساس المنطق والحجة والبرهان، أو الحكمة والموعظة بتعبير القرآن الكريم.
وكذلك لا مانع شرعًا من عقد معاهدات بغرض حسن الجوار، والصداقة، والتعاون، وتبادل التجارة، أو لأي غرض من أغراض التعاقد الدولي لإقرار السلم، وتثبيت دعائمه، وتبادل المنافع؛ لئلا يكون بعد العهد احتمال اعتداءٍ إلا في حالةِ نقض العهد؛ لذلك نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صالح قريش، وأبرم معهم صلح الحديبية، وهو نموذج واضح لمعاهدات الصلح الخارجية.
النوع الرابع -من المعاهدات السياسية-: المعاهدات الدائمة، أو ما يطلق عليه: الصلح الدائم، أو عقد الذمة:
يترتب على المعاهدة الدائمة إنهاء الحرب بصفة دائمة بين المسلمين، وغيرهم، أو بين دار الإسلام،