فقال: ما وجدت من تسأله غيري.
وعن مالك بن أنس ﵁ قال.
ما أفتيت حتى سألت سبعين شيخا هل ترون لي أن أفتي.
فقالوا نعم.
فقيل له فلو نهوك قال لو نهوني انتهيت.
وقال رجل لأحمد بن حنبل: إني حلفت ولا أدري كيف حلفت قال ليتك إذ دريت كيف حلفت دريت أنا كيف أفتيك.
قال المصنف: وإنما كانت هذه سجية السلف لخشيتهم الله ﷿ وخوفهم منه ومن نظر في سيرتهم تأدب.
ومن تلبيس إبليس على الفقهاء.
مخالطتهم الأمراء والسلاطين ومداهنتهم وترك الإنكار عليهم مع القدرة على ذلك.
وربما رخصوا لهم فيما لا رخصة لهم فيه لينالوا من دنياهم عرضاً فيقع بذلك الفساد لثلاثة أوجه.
الأول الأمير يقول لولا أني على صواب لأنكر علي الفقيه وكيف لا أكون مصيبا وهو يأكل من مالي.
والثاني العامي أنه يقول لا بأس بهذا الأمير ولا بماله ولا بأفعاله فإن فلانا الفقيه لا يبرح عنده.
والثالث الفقيه فإنه يفسد دينه بذلك.
وقد لبس إبليس عليهم في الدخول على السلطان فيقول إنما ندخل لنشفع في مسلم وينكشف هذا التلبيس بأنه لو دخل غيره يشفع لما أعجبه ذلك وربما قدح في ذلك الشخص لتفرده بالسلطان.
ومن تلبيس إبليس عليه في أخذ أموالهم فيقول لك فيها حق.
ومعلوم أنها إن كانت من حرام لم يحل له منها شيء وإن كانت من شبهة فتركها أولى وإن كانت من مباح جاز له الأخذ بمقدار مكانه من الدين لا على وجه اتفاقه في إقامة الرعونة وربما اقتدى العوام بظاهر فعله واستباحوا ما لا يستباح.
وقد لبس إبليس على قوم من العلماء.
ينقطعون على السلطان إقبالا على التعبد والدين فيزين لهم غيبة من يدخل على السلطان من العلماء فيجمع لهم آفتين غيبة الناس ومدح النفس.
وفي الجملة فالدخول على السلاطين خطر عظيم لأن النية قد تحسن في أول الدخول ثم تتغير بإكرامهم وإنعامهم أو بالطمع فيهم ولا يتماسك عن مداهنتهم وترك الإنكار عليهم.