للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمن أخذوه من التابعين، قال: والتابعون ممن أخذوه، قال: عن أصحاب رسول الله ، قال: وأصحاب رسول الله عمن أخذوه؟ قال: عن رسول الله ، قال: ورسول الله من أين جاء به؟ قال: عن جبريل عن الله ﷿.

فقال حاتم: ففيم أداه جبريل عن الله ﷿ إلى النبي وأداه النبي إلى الصحابة وأداه الصحابة إلى تابعيهم وأداه التابعون إلى الأئمة وأداه الأئمة إلى الثقات وأداه الثقات إليكم، هل سمعت في هذا العلم من كانت داره في الدنيا أحسن وفراشه ألين وزينته أكثر كان له المنزلة عن الله ﷿ أكبر؟ قال: لا، قال: فكيف سمعت؟ قال: سمعت من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة وأحب المساكين وقدم لآخرته كان عند الله ﷿ له منزلة أكثر وإليه أقرب، قال حاتم: وأنت بمن اقتديت؟ أبالنبي وبأصحابه والتابعين من بعدهم والصالحين على أثرهم، أو بفرعون ونمروذ فإنهما أول من بنى بالجص والآجر.

يا علماء السوء، إن الجاهل المتكالب على الدنيا الراغب فيها يقول: هذا العالم على هذه الحالة أو أكون أنا! قال: فخرج من عنده وازداد محمد بن مقاتل مرضا وبلغ أهل الري ما جرى بين حاتم وبين ابن مقاتل، فقالوا لحاتم أن محمد بن عبيد الطنافسي بقزوين أكثر شيئا من هذا فصار إليه فدخل عليه وعنده الخلق يحدثهم فقال له: رحمك الله، أنا رجل أعجمي جئتك لتعلمني مبدأ ديني ومفتاح صلاتي، كيف أتوضأ للصلاة؟ فقال: نعم وكرامة، يا غلام إناء فيه ماء فجاءه بإناء فيه ماء، فقعد محمد بن عبيد فتوضأ ثلاثا، ثم قال له: هكذا.

فتوضأ.

قال حاتم: مكانك رحمك الله حتى أتوضأ بين يديك ليكون أوكد لما أريد.

فقام الطنافسي وقعد حاتم مكانه فتوضأ وغسل وجهه ثلاثة حتى إذا بلغ الذراع غسل أربعا، فقال الطنافسي: أسرفت! قال حاتم: فبماذا أسرفت؟! قال: غسلت ذارعك أربعا.

قال: يا سبحان الله، أنا في كف ماء أسرفت، وأنت في جميع هذا الذي أراه كله لم تسرف! فعلم الطنافسي أنه أراده بذلك، فدخل البيت ولم يخرج إلى الناس أربعين يوما.

وخرج حاتم إلى الحجاز فلما صار إلى المدينة أحب أن يخصم علماء المدينة، فلما دخل المدينة قال: يا قوم، أي مدينة هذه؟ قالوا: مدينة

<<  <   >  >>