للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلاح.

وما زال السلف يمدحون المال ويجمعونه للنوائب وإعانة الفقراء.

وإنما تجافاه قوم منهم إيثارا للتشاغل بالعبادات وجمع الهمم فقنعوا باليسير ولو قال هذا القائل أن التقلل منه أولى قرب الأمر ولكنه زاحم به مرتبة الإثم.

الصبر على الفقر والمرض

واعلم أن الفقر مرض فمن ابتلي به فضبر أثيب على صبره، ولهذا يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام لمكان صبرهم على البلاء.

والمال نعمة، والنعمة تحتاج إلى شكر.

والغني وإن تعب وخاطر كالمفتي والمجاهد والفقير كالمعتزل في زاوية.

وقد ذكر أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب سنن الصوفية باب كراهية أن يخلف الفقير شيئا.

فذكر حديث الذي مات من أهل الصفة وخلف دينارين.

فقال رسول الله : «كيتان».

قال المصنف: وهذا احتجاج من لا يفهم الحال، فإن ذلك الفقير كان يزاحم الفقراء في أخذ الصدقة وحبس ما معه فلذلك قال: كيتان، ولو كان المكروه نفس ترك المال لما قال رسول الله لسعد: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس».

ولما كان أحد الصحابة يخلف شيئا.

وقد قال عمر بن الخطاب : حث رسول الله على الصدقة فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله : «وما أبقيت لأهلك» فقلت: مثله.

فلم ينكر عليه رسول الله .

قال ابن جرير الطبري وفي هذا الحديث دليل على بطلان ما يقوله جهلة المتصوفة أن ليس للإنسان ادخار شيء في يومه لغده، وإن فاعل ذلك قد أساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله.

قال ابن جرير: وكذلك قوله : «اتخذوا الغنم فإنها بركة».

فيه دلالة على فساد قول من زعم من المتصوفة أنه لا يصح لعبد التوكل على ربه إلا بأن

<<  <   >  >>