يضعفها ويسيء الخلق، وقد كان رسول الله ﷺ يأكل اللحم ويحب الذراع من الشاة، ودخل يوما فقدم إليه طعام من طعام البيت فقال:«لم أر لكم برمة تفور».
وكان الحسن البصري يشتري كل يوم لحما، وعلى هذا كان السلف إلا أن يكون فيهم فقير فيبعد عهده باللحم لأجل الفقر، وأما من منع نفسه الشهوات فإن هذا على الإطلاق لا يصلح لأن الله ﷿ لما خلق بني آدم على الجرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة وجعل صحته موقوفة على تعادل الإخلاط الدم والبلغم والمرة الصفراء والمرة السوداء فتارة يزيد بعض الأخلاط فتميل الطبيعة إلى ما ينقصه مثل أن تزيد الصفراء فيميل الطبع إلى الحموضة أو ينقص البلغم فتميل النفس إلى المرطبات فقد ركب في الطبع الميل إلى ما تميل إليه النفس وتوافقه فإذا مالت النفس إلى ما يصلحها فمنعت فقد قوبلت حكمة الباري ﷾ يردها ثم يؤثر ذلك في البدن فكان هذا الفعل مخالفا للشرع والعقل.
ومعلوم أن البدن مطية الآدمي ومتى لم يرفق بالمطية لم تبلغ، وإنما قلت علوم هؤلاء فتكلموا بآرائهم الفاسدة فإن أسندوا فإلى حديث ضعيف أو موضوع أو يكون فهمهم منه رديئا، ولقد عجبت لأبي حامد الغزالي الفقيه كيف نزل مع القوم من رتبة الفقه إلى مذاهبهم حتى أنه قال لا ينبغي للمريد إذا تاقت نفسه إلى الجماع أن يأكل ويجامع فيعطي نفسه شهوتين فتقوى عليه.
قال المصنف ﵀: وهذا قبيح في الغاية فإن الإدام شهوة فوق الطعام فينبغي أن لا يأكل إداما والماء شهوة أخرى.
أو ليس في الصحيح أن رسول الله ﷺ طاف على نسائه بغسل واحد فهلا اقتصر على شهوة واحدة.
أو ليس في الصحيحين أن رسول الله ﷺ كان يأكل القثاء بالرطب وهاتان شهوتان.