أكل عند أبي الهيتم بن التيهان خبزا وشواء وبسرا وشرب ماء باردا، أو ما كان الثوري يأكل اللحم والعنب والفالوذج ثم يقوم فيصلي أو ما تعلف الفرس الشعير والتبن والقت.
وتطعم الناقة الخبط والحمض.
وهل البدن إلا ناقة وإنما نهى بعض القدماء عن الجمع بين إدامين على الدوام لئلا يتخذ ذلك عادة فيحوج إلى كلفة وإنما تجتنب فضول الشهوات لئلا يكون سببا لكثرة الأكل وجلب النوم.
ولئلا تتعود فيقل الصبر عنها فيحتاج الإنسان إلى تضييع العمر في كسبها وربما تناولها من غير وجهها.
وهذا طريق السلف في ترك فضول الشهوات.
والحديث الذي احتجوا به (احرموا أنفسكم طيب الطعام) حديث موضوع عملته يدا بزيغ الراوي.
وأما إذا اقتصر الإنسان على خبز الشعير والملح الجريش فإنه ينحرف مزاجه لأن خبز الشعير يابس مجفف والملح يابس قابض يضر الدماغ والبصر، وتقليل المطعم يوجب تنشيف المعدة وضيقها وقد حكى يوسف الهمداني عن شيخه عبد الله الحوفي أنه كان يأكل خبز البلوط بغير إدام وكان أصحابه يسألونه أن يأكل شيئا من الدهن والدسومات فلا يفعل.
قال المصنف ﵀: وهذا يورث القولنج الشديد.
واعلم أن المذموم من الأكل إنما هو فرط الشبع وأحسن الآداب في المطعم أدب الشارع ﷺ.
أخبرنا ابن الحصين نا ابن المذهب نا أبو بكر بن حمكان ثنا عبد الله بن أحمد ثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا سليمان بن سليم الكناني ثنا يحيى بن جابر الطائي قال: سمعت المقدام بن معدي كرب يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه.
حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه.
فإن كان لا بد فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه».
قال المصنف ﵀: قلت، فقد أمر الشرع بما يقيم النفس حفظا لها وسعيا في مصلحتها.
ولو سمع أبقراط هذه القسمة في قوله (ثلث وثلث