فأما جماعة من متأخري الصوفية فإنهم تركوا النكاح ليقال زاهد والعوام تعظم الصوفي إذا لم يكن له زوجة فيقولون ما عرف امرأة قط فهذه رهبانية تخالف شرعنا.
قال أبو حامد: ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج فإنه يشغله عن السلوك ويأنس بالزوجة ومن أنس بغير الله شغل عن الله تعالى.
قال المصنف ﵀: وإني لأعجب من كلامه، أتراه ما علم أن من قصد عفاف نفسه ووجود ولد أو عفاف زوجته فإنه لم يخرج عن جادة السلوك أو يرى الأنس الطبيعي بالزوجة ينافي أنس القلوب بطاعة الله تعالى والله تعالى قد من على الخلق بقوله: ﴿خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.
وفي الحديث الصحيح عن جابر ﵁ عن النبي ﷺ قال له:«هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك» وما كان بالذي ليدله على ما يقطع أنسه بالله تعالى.
أترى رسول الله ﷺ لما كان ينبسط إلى نسائه ويسابق عائشة ﵂ أكان خارجا عن الأنس بالله.
هذه كلها جهالات بالعلم.
محاذير ترك النكاح
واعلم إنه إذا دام ترك النكاح على شبان الصوفية أخرجهم إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول بحبس الماء، فإن المرء إذا طال احتقانه تصاعد إلى الدماغ منه منيه.
قال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي: أعرف قوما كانوا كثيري المني فلما منعوا أنفسهم من الجماع لضرب من التفلسف بردت أبدانهم وعسرت