للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الصوفية من ذم العلماء ورأى أن الاشتغال بالعلم بطالة وقالوا إن علومنا بلا واسطة وإنما رأوا بعد الطريق في طلب العلم فقصروا الثياب ورقعوا الجباب وحملوا الركاء وأظهروا الزهد.

والثاني أنه قنع وقوم منهم باليسير منه ففاتهم الفضل الكثير في كثرته فاقتنعوا بأطراف الأحاديث وأوهمهم أن علو الإسناد والجلوس للحديث كله رياسة ودنيا وأن للنفس في ذلك لذة.

كشف هذا التلبيس أنه ما من مقام عال إلا وله فضيلة وفيه مخاطرة فإن الإمارة والقضاء والفتوى كله مخاطرة وللنفس فيه لذة ولكن فضيلة عظيمة كالشوك في جوار الورد فينبغي أن تطلب الفضائل ويتقى ما في ضمنها من الآفات.

فأما ما في الطبع من حب الرياسة فإنه إنما وضع لتجتلب هذه الفضيلة كما وضع حب النكاح ليحصل الولد وبالعلم يتقوم قصد العالم كما قال يزيد بن هرون: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله.

ومعناه أنه دلنا على الإخلاص ومن طالب نفسه بقطع ما في طبعه لم يمكنه.

والثالث أنه أوهم قوما منهم أن المقصود العمل وما فهموا أن التشاغل بالعلم من أوفى الأعمال ثم إن العالم وإن قصر سير عمله فإنه على الجادة والعابد بغير علم على غير الطريق.

والرابع أنه أرى خلقا كثيرا منهم أن العالم ما اكتسب من البواطن حتى أن أحدهم يتحايل له وسوسة فيقول حدثني قلبي عن ربي.

وكان الشبلي يقول:

إذا طالبوني بعلم الورقبرزت عليهم بعلم الخرق

وقد سموا علم الشريعة علم الظاهر وسموا هواجس النفوس العلم الباطن واحتجوا له بما أخبرنا به عبد الحق بن عبد الخالق نا الحسين بن علي الطناجيري نا أبو حفص بن شاهين ثنا علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة العسكري ثني دارم بن قبيصة بن بهشل الصنعاني قال: سمعت يحيى بن الحسين بن زيد بن علي قال سمعت يحيى بن عبد الله بن حسين عن يحيى بن

<<  <   >  >>