قال: إذا رآه العارفون أول مرة جعل لهم سوقا ما فيه شراء ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء فمن دخل منهم السوق لم يرجع إلى زيارة الله أبدا.
قال: وقال أبو يزيد: في الدنيا يخدعك بالسوق وفي الآخرة يخدعك بالسوق فأنت أبدا عبد السوق.
قال المصنف ﵀: تسمية ثواب الجنة خديعة وسببا للانقطاع عن الله ﷿ قبيح وإنما يجعل لهم السوق ثوابا لا خديعة فإذا أذن لهم في أخذ ما في السوق ثم عوقبوا بمنع الزيارة فقد صارت المثوبة عقوبة.
ومن أين له أن من اختار شيئا من ذلك السوق لم يعد إلى زيارة الله ﵎ ولايراه أبدا؟ نعوذ بالله من هذا التخليط والتحكم في العلم والأخبار عن هذه المغيبات التي لا يعلمها إلا نبي.
فمن أين له علمها وكيف يكون كما قال أبو هريرة راوي الحديث لسعيد بن المسيب: جمعني الله وإياك في سوق الجنة.
أفتراه طلب ترك العقوبة بالبعد عن الله ﷿! لكن بعد هؤلاء عن العلم واقتناعهم بواقعاتهم الفاسدة أوجب هذا التخليط وليعلم أن الخواطر والواقعات إنما هي ثمرات علمه، فمن كان عالما كانت خواطره صحيحة لأنها ثمرات علمه ومن كان جاهلا فثمرات الجهل كلها حظه.
ورأيت بخط ابن عقيل: جاز أبو يزيد على مقابر اليهود فقال: ما هؤلاء حتى تعذبهم كف عظام جرت عليهم القضايا اعف عنهم.
قال المصنف ﵀: وهذا قلة علم وهو أن قوله - كف عظام - احتقار للآدمي فإن المؤمن إذا مات كان كف عظام.
وقوله - جرت عليهم القضايا - فكذلك جرى على فرعون.
وقوله - اعف عنهم - جهل بالشريعة لأن الله ﷿ أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به لمن مات كافرا فلو قبلت شفاعته في كافر لقبل سؤال إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه في أبيه، ومحمد ﷺ في أمه، فنعوذ بالله من قلة العلم.
أنبأنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى نا أبو بكر أحمد بن أبي نصر الكوفاني ثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن قوري الحوبياني نا أبو نصر عبد الله بن علي الطوسي المعروف بالسراج قال: كان ابن سالم يقول: عبر أبو يزيد على مقبرة