يجري بسفينة النفس والعقل مداد ولو أن المداد مد عشرين فرسخا ثم أهمل عادت السفينة تنحدر ومن ادعى تغير طبعه كذب ومن قال إني لا أنظر إلى المستحسنات بشهوة لم يصدق، كيف وهؤلاء لو فاتتهم لقمة أو شتمهم شاتم تغيروا فأين تأثير العقل والهوى يقودهم، وقد رأينا أقواما منهم يصافحون النساء، وقد كان رسول الله ﷺ وهو المعصوم لا يصافح المرأة وبلغنا عن جماعة منهم أنهم يؤاخون النساء ويخلون بهن ثم يدعون السلامة وقد رأوا أنهم يسلمون من الفاحشة وهيهات فأين السلامة من إثم الخلوة المحرمة والنظر الممنوع منه وأين الخلاص من جولان الفكر الرديء، وقد قال عمر بن الخطاب ﵁: لو خلا عظمان نخران لهم أحدهما بالآخر.
يشير إلى الشيخ والعجوز.
وبإسناد عن ابن شاهين قال: ومن الصوفية قوما أباحوا الفروج بادعاء الأخوة فيقول أحدهم للمرأة تؤاخيني على ترك الاعتراض فيما بيننا.
قلت: وقد روى لنا أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي الحكيم في كتاب رياضة النفوس قال: روي لنا أن سهل بن علي المروزي كان يقول لامرأة أخيه وهي معه في الدار استتري مني زمانا ثم قال لها كوني كيف شئت.
قال الترمذي: كان ذلك منه حين وجد شهوته قلت.
أما موت الشهوة هذا لا يتصور مع حياة الآدمي وإنما يضعف والإنسان قد يضعف عن الجماع ولكنه يشتهي اللمس والنظر، ثم يقدر أن جميع ذلك ارتفع عنه أليس نهى الشرع عن النظر والنظر باق وهو عام وقد أخبرنا ابن ناصر بإسناد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قيل لأبي نصر النصراباذي أن بعض الناس يجالس النسوان ويقول أنا معصوم في رؤيتهن فقال ما دامت الأشباح قائمة فإن الأمر والنهي باق والتحليل والتحريم مخاطب به ولن يجترئ على الشبهات إلا من يتعرض للمحرمات وقد قال أبو علي الروزباري وسئل عمن يقول وصلت إلى درجة لا تؤثر في اختلاف الأحوال فقال قد وصل ولكن إلى سقر.
وبإسناد عن الجريري يقول: سمعت أبا القسم الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة فقال الرجل أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله ﷿ فقال الجنيد أن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال وهذه عندي عظيمة والذي يسرق ويزني أحسن حالا من الذي يقول هذا، وأن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه رجعوا فيها، ولو بقيت