للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدقه: والثالث أنه ليس في قوى البشر رؤية الملك وإنما الله تعالى يقوي الأنبياء بما يرزقهم من إدراك الملائكة ولهذا قال الله تعالى: ﴿ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا﴾ أي لينظروا إليه ويأنسوا به ويفهموا عنه ثم قال: ﴿وللبسنا عليهم ما يلبسون﴾ أي لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حتى يشكوا فلا يدرون أملك هو أم آدمي.

الشبهة الثالثة: قالوا نرى ما تدعيه الأنبياء من علم الغيب والمعجزات وما يلقى إليهم من الوحي يظهر جنسه على الكهنة والسحرة فلم يبق لنا دليل نفرق بين الصحيح والفاسد.

والجواب أن نقول: إن الله بين الحجج ثم بث الشبهة وكلف العقول الفرق فلا يقدر ساحر أن يحيي ميتا ولا أن يخرج من عصا حيا وأما الكاهن فقد يصيب ويخطئ بخلاف النبوة التي لا خطأ فيها بوجه.

الشبهة الرابعة: قالوا لا يخلو ما أن تجيء الأنبياء بما يوافق العقل أو بما يخالفه فإن جاءوا بما يخالفه لم يقبل وإن جاءوا بما يوافقه فالعقل يغني عنه.

والجواب أن نقول: قد ثبت أن كثيرا من الناس يعجزون عن سياسات الدنيا حتى يحتاجون إلى متمم كالحكماء والسلاطين فكيف بأمور الإلهية والأخروية.

الشبهة الخامسة: قالوا قد جاءت الشرائع بأشياء ينفر منها العقل فكيف يجوز أن تكون صحيحة من ذلك إيلام الحيوان.

والجواب أن العقل ينكر إيلام الحيوان بعضه لبعض فأما إذا حكم الخالق بالإيلام لم يبق للعقل اعتراض وبيان ذلك أن العقل قد عرف حكمة الخالق وأنه لا خلل فيها ولا نقص فأوجبت عليه هذه المعرفة التسليم لما خفي عنه ومتى اشتبه علينا أمر في فرع لم يجز أن نحكم على الأصل بالبطلان ثم قد ظهرت حكمة ذلك فإنا نعلم أن الحيوان يفضل عن الجماد ثم الناطق أفضل مما ليس بناطق بما أوتي من الفهم

<<  <   >  >>