والفطنة والقوى النظرية والعملية وحاجة هذا الناطق إلى إبقاء فهمه ولا يقوم في إبقاء القوى مقام اللحم شيء ولا يستطرف تناول القوى الضعيف وما فيه فائدة عظيمة لما قلت فائدته.
وإنما خلق الحيوان البهيم للحيوان الكريم فلو لم يذبح لكثر وضاق به المرعى ومات فيتأذى الحيوان الكريم بجيفته فلم يكن لإيجاده فائدة.
وأما ألم الذبح فإن يستر وقد قيل أنه لا يوجد أصلا لأن الحساس للألم أغشية الدماغ لأن فيه الأعضاء الحساسة ولذلك إذا أصابها آفة من صرع أو سكتة لم يحس الإنسان بألم فإذا قطعت الأوداج سريعا لم يصل ألم الجسم إلى محل الحس ولهذا قال ﵊:«إذا ذبح أحدكم فليحد شفرته وليرح ذبيحته».
الشبهة السادسة: قالوا ربما يكون أهل الشرائع قد ظفروا بخواص من حجارة وخشب.
والجواب أن هذا كلام ينبغي أن يستحي من إيراده فإنه لم يبق شيء من العقاقير والأحجار إلا وقد وضحت خواصها وبان سترها فلو ظفر واحد منهم بشيء وأظهر خاصيته لوقع الإنكار من العلماء بتلك الخواص وقالوا ليس هذا منك إنما هذه خاصية في هذا.
ثم إن المعجزات ليست نوعا واحدا بل هي بين صخرة خرجت منها وعصا انقلبت حية وحجر تفجر عيونا وهذا القرآن الذي له منذ نزل دون الستمائة سنة فالأسماع تدركه والأفكار تتدبره والتحدي به على الدوام ولم يقدر أحد على مداناة منه فأين هذا والخاصة والسحر الشعبذة.
قال أبو الوفاء علي بن عقيل ﵁: صبئت قلوب أهل الإلحاد لانتشار كلمة الحق وثبوت الشرائع بين الخلق والامتثال لأوامرها كابن الراوندي ومن شاكله كأبي العلاء.
ثم مع ذلك لا يرون لمقالتهم نباهة ولا أثرا بل الجوامع تتدفق زحاما والأذانات تملأ أسماعهم بالتعظيم لشأن النبي ﷺ والإقرار