للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثل في الشجاعة التي ناصرت الحق على الباطل، وآزرت الخير على الشر وظاهرت الصلاح على الطلاح ..

كان المسلمون الأولون على أهبة الاستعداد دائما لما عساه أن يطرأ عليهم من الحوادث، فإذا نزلت حادثة فجأة تجدهم مستعدين لها، وشجاعة المسلمين في سبيل إقامة شعائر دينهم، ومسارعتهم في رضى الله لا تحتاج إلى برهان، قال الله عز وجل في حقهم: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (سورة آل عمران).

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شجاعا يقود المعارك ويتقدم الصفوف، ويتصدى لكل بطل موهوب، يقول سيدنا علي كرم الله وجهه، "إذا حمى البأس، واحمرت الحدق إتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما يكون أحد أقرب منه إلى العدو وقد ثبت في غزوة حنين لما تفرق عنه أصحابه، فكان يسير نحو العدو"، وهو يقول: "أيها الناس تعالوا إلي أنا محمد رسول الله أنا محمد بن عبد المطلب" (١) ..

وكان أبو بكر رضي الله عنه شجاعا لا ينثني عن عزيمة يعتقد فيها خيرا للإسلام، فقد فوجيء إثر توليته للخلافة بارتداد العرب عن الإسلام، وكان هذا الإرتداد ممثلا في رفض الصلاة والزكاة فقال: "والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله ما تركتهم، ولو خذلني الناس لجاهدتهم وحدي" (٢) ولم تكن مشكلة الصلاة والزكاة فحسب، بل مشكلة الوحدة أيضا التي انقضت عراها، وأصبح المسلمون طوائف متنافرة متناحرة، فكيف يطيق أبو بكر مشاهدة الأمة التي جمعها الإسلام، وأنقذها من الكفر تتفرق وأعضاؤها تتناحر، ووحدتها تتمزق، وكيف يمكن للعصاة الثائرين أن


(١) أخرجه بن هشام ومسنده صحيح.
(٢) القصة ثبتت في صحيح البخاري. ورواها مالك- بلاغا-

<<  <   >  >>