للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحققوا أغراضهم؟ فهذا ما لا يطيقه أبو بكر أبدا وكان سيدنا عمر رضي الله عنه شجاعا في إعلان رأيه متحديا كفار قريش، ولما تولى الخلافة ربى المسلمين على خلق الشجاعة وحثهم على أن يعلموا أولادهم السباحة والرمي وكذلك كان سيدنا علي كرم الله وجهه بطلا شجاعا منذ نشأته إلى وفاته شجاعا في كل حرب خاضها، شجاعا في كل رأي أذاعه، وكل عمل قام به، هذا الشرف العظيم الذي أحرز عليه المسلمون الأولون لم يأتهم تلقائيا، أو جاءهم عفوا، بل قدموا في سبيله الأموال والمهج والتضحيات الجسام، والقرآن كان يرغبهم في الشهادة بقوله عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة آل عمران) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تحث على الشهادة، ويجد المطلع على سيرة ابن هشام أحاديث للشهادة تطيب لها النفوس، وتهتز لها المشاعر في كل غزوة غزاها سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يبين للشهداء من الآيات البينات، وكان يقول: "الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا" (١) رواه الإمام أحمد، وقال عليه الصلاة والسلام: "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طيور خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجد وأطيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا إننا أحياء في الجنة نرزق ألا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عند الحرب، فقال الله أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله الآية السابقة. ولا تحسبن الخ" (٢) وقال عليه الصلاة والسلام: "والذي نفسي بيده ما من مؤمن يفارق الدنيا لا يجب أن يرجع


(١) أخرجه أحمد في مسنده- الطبراني- الحاكم- عن ابن عباس- حسن-
(٢) أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن عباس ورجاله ثقات وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>