للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليها ولو ساعة من نهار، ولو اعطيت له الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يجب أن يرد إلى الدنيا فيقاتل في سبيل الله فيقتل مرة أخرى" (١) ...

الدعوة الإسلامية كانت في الصدر الأول دعوة ربانية وقيادة في ممارستها وتنظيمها، تخلف المسلمون يوم تخلفوا عن القيادة الفكرية، وتقاعسوا عن حملها وأساءوا تطبيقها.

لم يتخلف المسلمون الحاضرون عن الركب الحضاري نتيجة تمسكهم بدينهم- كما يقول بعض المغرضين- وإنما بدأ تخلفهم يوم تمسكوا بالمباديء الوضعية، وسمحوا للعوائد الأجنبية أن تدخل ديارهم وتحتل أذهانهم وتستهوي أبناءهم، ولن يستأنف المسلمون الحياة الإسلامية إلا إذا حملوا دعوة الإسلام بقيادة فكرية إسلامية، ويجب أن تحمل الدعوة كما حملت من قبل إقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من دون أن تحيد عن ذلك قيد شعرة، ودون أن يحسب لاختلاف العصور أي حساب لأنها اختلفت فيها الوسائل والأشكال، أما الحقائق والجواهر لم تختلف، وينبغي لحامل الدعوة أن يكون صريحا في الحق وجريئا على الباطل، وقويا بالإيمان، ويجب على حامل الدعوة أن يدعو إلى سيادة الإسلام سيادة مطلقه بغض النظر عما إذا وافق الناس أم خالفهم، ويعلن أحكام الإسلام سواء رضي بها الناس أم رفضوها، فحامل الدعوة لا يتملق ولا يجامل من بيدهم الأمور. حمل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القيادة الفكرية في مكة فلما وجد أن أبناءها لا يحققون الغاية هيأ أبناء المدينة لذلك، ثم أوجد الدولة وطبق الإسلام على المجتمع المدني، وأحدث فيه إنقلابا في العقيدة، وتقوية الصلة بالله ...

ويجب على كل من ينتمي إلى الإسلام أن يؤيد الدعاة في مهمتهم كواجب مكلفين به، وأنهم مسؤولون أمام الله إذا لم يقوموا به، قال الله:


(١) ورد بلفظ يقارب في صحيح مسلم. رواه الترميذي من حديث أنس. ورواه النسائي من حديث عبادة بن الصامت.

<<  <   >  >>