ومعارف الدين الذي جئت به- يا حبيب الله- ظهر على جميع الأديان كلها قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}(سورة الفتح) ...
هذا الدين حق، وإن ارتاب فيه المبطلون، وعارضه المكذبون وكفى بالله شهيدا على استقامته، وما دام هناك تأييد الله لهذا الدين فلا بد أن يسود ...
تجلت عناية الله بهذا الإنسان الذي هو خليفة الله في أرضه فبعث إليه رسوله الكريم على حين فترة من الرسل بالإسلام الذي هو خلاصة الأديان المنزلة من قبله، فأنقذ صلى الله عليه وآله وسلم العالم مما كان يتخبط فيه من الجهالة والحيرة والشرك والضلال بعد تضحيات جسام فحقق له ما كان ينشده من إيمان بالله وعبادته وحده، وعدل ومساواة بين الناس، وكرامة وحرية وإخاء ...
بهذه الرسالة كان المبعوث رحمة للعالين، بهذه الرسالة إلتقت السماء مع الأرض، والروح مع المادة، بهذا الرسول الكريم كان خاتما للرسالات السماوية، وإيذانا بالوحدة البشرية، الوحدة الشاملة التي لا تفرق بين أبيض وأسود، الناس كلهم لآدم وآدم من تراب ...
لما تمت النعمة وكمل الدين، وبلغ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رسالة ربه أحس بقرب أجله وخروجه من الدنيا ذكر الفقراء، وكان طول حياته لا يرغب في المال، وكان كلما جمع منه شيئا أنفقه في الصدقات، وقد أعطى لعائشة رضي الله عنها يسيرا من المال لتحفظه فلما حضره المرض أمر بإنفاقه على المعوزين لساعته وغاب في سنة، ولما أفاق سألها إن كانت أنفذت أمره، فأجابته بـ:"لا"، فأمر بالنقود إلى العائلات المعوزات فوزعت عليهم، "عندها استراح - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يخشى أن يلاقي ربه وقد ترك في بيته مالا لم ينفقه على عباد الله" ..