لأنها هزت كيانهم وزينت لهم ما بين أيديهم من الصور البراقة، وشوهت الحقيقة أمام أبصارهم وبصيرتهم.
ألفت الجماهير الكفر والإلحاد والنفاق، وأصبحت تظن أن ذلك أوضاع إسلامية لا تخالفه في شيء وشاع في أوساطهم أن الإسلام مرن ومتطور يساير الأوضاع الاقتصادية والسياسية الغربية، فإذا قلت لهؤلاء المنحرفين إنما أحكام الإسلام لا تتبدل ولا تتغير ولا تعطل إلا لضرورة أجابوا بقولهم: إن أحكام الإسلام كانت لزمن غير زماننا، والإسلام يفرض على المسلم أن يجاري عصره، ويعمل بما يلائم زمانه. هذا صحيح من ناحية التقدم العلمي والتطور الصناعى الحضاري في التكنولوجيا. أما من ناحية القواعد الدينية، والكليات الأصولية، وأمهات الأحكام لا تتغير فإنها من عند الله ..
بدأ المسلمون ينحرفون في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد فكانوا يبررون نظام البنوك الربوية، والشركاتا المساهمة والتعامل معها بما حرم الله بدعوى الضرورة، وأن الإسلام يقبل بها لأنه مرن، وأباحوا اختلاط النساء بالرجال بدعوى أن ابتعاد المرأة عن العمل يتضرر من ذلك الاقتصاد الوطني، وينكرون على الشريعة تعدد الزوجات، وقطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن إلى غير ذلك مما جاءت به الشريعة الغراء.
وكم أصاب المسلمين من بلاء ومحن بسبب المباديء الغربية التي اعتنقوها؟ وكم طعنوا في شرفهم وكرامتهم؟ وكم أوذوا في نفوسهم بسبب إعراضهم عن الإسلام؟ وكم لدغوا من الفرقة وعدم الإتحاد، ومن السياسة المرتجلة مرات ومرات- ولكنهم لم يتعظوا؟ أليس من شأن المؤمن أن لا يلدغ من جحر مرتين {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}(سورة الأنعام) ليت المسلمين يلقون السمع لكتاب الله ولسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي جاءهم بالهدى ودين الحق ..
أصبح المسلمون يرددون أقوالا جوفاء بلا اعتقاد ولا أعمال، ولهذا زحزحوا عن الإسلام وكادوا يخرجون عنه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ