وهنا يبدو من هذا العرض أي عرض المباديء الغربية التي غزت الأمة واضحا جليا أنها دفعت الأمة إلى الهاوية وحققت أهدافها الإيجابية في غياب الإسلام، وهذا هو السبب الحقيقي في خروج المسلمين عن الإسلام وارتمائهم في أحضان الغرب، حتى أصبحوا مجزئين بين أرجائه وتابعين له في كل شيء.
والحقيقة التي غابت عن المسلمين، وفي مقدمتهم المسيرون أن ليس أقوى في توثيق العرى الاجتماعية من الشعائر الدينية إذا هي خرجت من محيط الشكل إلى محيط الجوهر والروح، وأنطلقت من ظلام التقليد والجهل إلى نور المعرفة والإدراك ...
لم يبلغ المسلمون الأولون ما بلغوا من رقي وتقدم وحضارة إلا بالوحدة الإجماعية، والمشاركة الوجدانية، ولم يكن لهم ذلك إلا بوعيهم للدين وقيامهم بشعائره خير قيام، فسيرة كل واحد منهم كانت تعد مدرسة مثالية للتربية الإجماعية الرشيدة والتهذيب الإنساني الصحيح وتنمية المحبة والمودة والتعاطف ...
الإسلام شريعة كاملة اشتملت على العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة، فأهمل المسلمون أحكامها، وعطلوا سلطان مفعولها، فأدى ذلك إلى الإنصراف عنها إلى القوانين الوضعية.
الشريعة الإسلامية لها دعائم قوية وأحكام تفصيلية تجعلها صالحة لكل زمان ومكان، فأما أمر صلاحيتها فإنها تكفلت بذكر القواعد العامة في القرآن الكريم وتركت ما وراء ذلك من أحكام تفصيلية فرعية للإجتهاد بحسب ظروف البيئة والزمان إذا توافرت شروط الاجتهاد المعلومة ودعت الضرورة لتوسيع قاعدة بناء على شبيهات لها من قواعد الشريعة الغراء.