للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: الماء المستعمل طاهر طهور، وهو المشهور من قول المالكية، لكنه يكره عندهم استعماله مع وجود غيره، فإن لم يجد غيره تطهّر به ولا يتيمم مع وجوده (١)، وقول عند الشافعية (٢)، وهو رواية أخرى عند الحنابلة (٣).

القول الثالث: الماء المستعمل نجس، وهو ورواية مرجوحة عند الحنفية كما سبق، وقول عند الشافعية (٤).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بأن الماء المستعمل طاهر غير طهور بعدة أدلة، من أشهرها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)[الفرقان: ٤٨].

وجه الدلالة: ذكر الماء في الآية مطلقًا، والمطلق ما يتعرض للذات دون الصفات، والاستعمال صفة للماء، وعليه فلا يشمله الاسم المطلق فلا يكون طهوراً. (٥)

الدليل الثاني: حديث عون بن أبي جحيفة السابق ذكره وطرفه: "أتيت النبي بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم … " الحديث. (٦)


(١) مواهب الجليل، ١/ ٦٦، بداية المجتهد وكفاية المقتصد، ١/ ٣٣، والكراهة مقيدة بأمرين: الأول: أن يكون ذلك الماء المستعمل قليلًا كآنية الوضوء، والثاني: أن يوجد غيره، وإلا فلا كراهة. (ينظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ١/ ٤١). وعند المالكية توجد أقوال أخرى، مثل: أن الماء المستعمل غير طهور، فيترك ويتيمم إن لم يجد غيره، أو أنه مشكوك فيه، فيتوضأ به ويتيمم لصلاة واحدة، (ينظر: مواهب الجليل، ١/ ٦٦، مناهج التحصيل، ١/ ١٠٣) وقد نوزع فيها؛ لأن لفظ المدونة: "ولا يتوضأ بماء قد توضأ به مرة، ولا خير فيه". (المدونة، ١/ ١١٥).
(٢) المهذب، ١/ ٢٣، البيان في مذهب الإمام الشافعي، ١/ ٤٣.
(٣) المغني، ١/ ١٦، الإنصاف، ١/ ٣٦.
(٤) المهذب للشيرازي، ١/ ٢٣.
(٥) العناية شرح الهداية، ١/ ٦٩.
(٦) سبق تخريجه قريبًا.

<<  <   >  >>