للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة: فيه دليل على طهارة الماء المستعمل؛ لأن ما أخرجه بلال غُسالة أعضاء رسول الله ، وإلا لما فعل بها الصحابة ما فعلوا، وليس ما فضل عن وَضوئه؛ لأن ما يفضل من وضوئه في الإناء مثل ما يفضل من وضوئه من البئر (١).

وقد يناقش بأنهم كانوا يتمسحون تبركاً وليس طهارة.

فيجاب: بأن التبرك بالنجس لا يجوز (٢).

وقد يناقش أيضاً بأنه من خصائص النبي –.

وأما ما يدل على أنه غير طهور فلأن الأولين لم يجمعوا ما سقط عن أعضائهم في أسفارهم مع شدة ضروراتهم لقلة الماء في الحجاز.

وجه الدلالة: ذلك يدل على عدم جواز استعماله وإلا لجمعوه (٣).

قد يناقش بأنهم لم يجمعوا ما سقط عن أعضائهم لاستقباحه؛ ولأنه مما تعافه النفوس، وهذا له ملحظ في الشرع، كما يقال في كراهية أكل بعض الأطعمة أو حرمتها؛ لأن النفوس تستخبثه وتكرهه (٤).

قد يُجاب بأن النفوس لا تستطيبه للشرب والطبخ وغيره، وأما الطهارة فلا.

فيقال بأنه لا يسلم؛ لأن الماء المستعمل لرفع الحدث لا يُستطاب أيضًا لا لنفسه، بل لما يلاقي مواضع الجسد.


(١) والمعنى أن أعضاء المحدث طاهرة، ولكنه ممنوع من إقامة القربة، فإذا استعمل الماء تحول ذلك المنع إلى الماء فصارت صفة الماء كصفة العضو قبل الاستعمال فيكون طاهرًا غير طهور، بخلاف ما إذا أزال النجاسة بالماء فالنجاسة هناك تتحول إلى الماء. (المبسوط، ١/ ٤٧).
(٢) المبسوط، ١/ ٤٧، وجاء عن بعض المالكية أن ماء وضوئه – وغسله لا يدخل في الماء المستعمل. (شرح مختصر خليل للخرشي، ١/ ٧٥).
(٣) ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، ١/ ٥١، الذخيرة، ١/ ١٧٤.
(٤) المغني، ٣/ ٤٧٦، بدائع الصنائع، ٥/ ٣٨، بداية المجتهد وكفاية المقتصد، ٣/ ٢٢، الإنصاف، ١٠/ ٣٥٧.

<<  <   >  >>