للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة – قال: قال رسول الله : "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب". فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة، قال: "يتناوله تناولًا" (١).

وجه الدلالة: فيه دليل على أن الماء المستعمل مسلوب الطهورية فلا يتطهر به مرة أخرى؛ إذ لولا أن الاغتسال فيه يخرجه عن كونه يغتسل به مرة أخرى لما نهى عنه (٢).

ونوقش بأن المراد بهذا الحديث النهي عن الاغتسال في الدائم وإن كان كثيرًا لئلا يقذره. (٣)

الدليل الرابع: حديث الحكَم بن عمرو "أن النبي – نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة" (٤)، فإذا ثبت أنه لم يُرد ما بقي في الإناء ثبت أنه أراد ما استعمل (٥).

وجه الدلالة: اتفاق العلماء على أن الباقي في الإناء مطهر، فتعين حمله على الساقط وما سال عنها (٦).

ونوقش بأن الحديث معارض بأحاديث صحيحة ثابتة عن غير واحد من الصحابة روَوْا جوازَ الوضوء أو الاغتسال بفضل المرأة (٧)، بل اختلف في صحته (٨).


(١) أخرجه مسلم، ١/ ٢٣٦، كتاب الطهارة، باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد، رقم حديث: ٢٨٣.
(٢) طرح التثريب في شرح التقريب، ٢/ ٣٤.
(٣) المجموع شرح المهذب، ١/ ١٥٤.
(٤) أخرجه أبو داود، ١/ ٢١، كتاب الطهارة، باب الوضوء بفضل وضوء المرأة مع باب النهي عن ذلك، رقم حديث: ٨٢، والترمذي، ١/ ٩٣، أبواب الطهارة، باب في كراهية فضل طهور المرأة، رقم حديث: ٦٤، وحسنه، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (١/ ١٤١) وفي الإرواء (١/ ٤٣).
(٥) البيان في مذهب الإمام الشافعي، ١/ ٤٣ - ٤٤.
(٦) المجموع شرح المهذب، ١/ ١٥٣، ٢/ ١٩١.
(٧) بحر المذهب، ١/ ١٧٧.
(٨) منهم من حسَّنه مثل الترمذي كما سبق، وضعَّفه البخاري في تاريخه بقوله: "سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي، بصريٌّ، كنَّاه أحمد وغيره، ويقال: الغفاري- ولا أراه يصحُّ- عن الحكم بن عمرو". (التاريخ الكبير للبخاري بحواشي محمود خليل، ٤/ ١٨٤، حرف السين، ترجمة سَوادَة بن عاصم العنزي البصري، رقم ٢٤١٩).

<<  <   >  >>