للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السابع: إن المحدث في معنى من على بدنه نجاسة في باب المنع من الصلاة، ثم وجدنا الماء المغسول به النجاسة يحل في حكم النجاسة؛ لأنها به زالت، كذلك الماء المزال به الحدث، ينبغي أن ينتقل حكم الحدث إليه؛ لأنه به زال، فوجب أن يمنع ذلك استعماله للطهارة؛ لقيام حكم الحدث فيه، كما لا يجوز استعمال الماء المغسول به النجاسة.

ونوقش بأنه يجب على هذا ألا يكون مستعملًا إذا توضأ به وهو طاهر، إذا لم يزل به حدث.

يجاب عنه بأن حكم الاستعمال إنما أُلحِق بمعنى آخر غير ما ذُكر في الحديث، وهو القربة به، قياسًا على المحدث.

فإن قيل: العلة في المحدث سقوط الفرض به، وذلك معدوم في المتقرب به لغير حدث.

فيجاب عنه بأنه لا يمتنع القياس عليه بوصف آخر، وهو ما تعلق به من الحكم، فكل ما تعلق به حكم صار مستعملًا، والحكم تارة يكون زوال الحدث، وتارة حصول القربة (١).

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بأن الماء المستعمل طاهر طهور بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)[الفرقان: ٤٨].

وجه الدلالة: قوله: ﴿طَهُورًا﴾ يقتضي جوازَ التطهُّرِ به مرةً بعدَ أخرى، فهو على وزن (فَعولٍ) لِمَا يتكرَّر منه الفِعلُ، مثل: شكورٍ، وصبورٍ (٢).

نوقش بأن قوله: ﴿طَهُورًا﴾ معناه مطهرًا، على وجه المبالغة في وصفه بوقوع الطهارة به، ولا دلالة فيه على التكرار، كما يقال: سيف قطوع: ويراد به الوصف بالمبالغة في القطع، ولا يراد به تكرار القطع؛ لأن ذلك قد يحصل بالسيف الكليل، ولا يسمى قطوعًا (٣).

ويجاب بأن حمل الآية على المبالغة لا يمنع حملها على التكرار.


(١) ينظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ص: ٢٣٧، فقد ذكر الدليل والجواب عنه.
(٢) المجموع شرح المهذب، ١/ ١٥٣.
(٣) شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ١/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>